Friday, June 01, 2007

طريقة فاشلة لتحرير الأقصى



بدون فزلكة كتير، لكي تحرر الاقصى، سافر فورا الى اسرائيل، انزل في القدس الشرقية. دور على المسجد الاقصى واقف قدامه ودافع عنه ضد البلدوزرات، لو كان معاك سلاح دا هيبقى احسن كتير طبعا، ولو حجارة هيمشي الحال. حاجة من اتنين، يا اما تموت، ودا احتمال وارد طبعا، يا اما تنتصر على الدبابات اللي هتنسحب قدامك وتلاقي كل المواقع العسكرية الاسرائيلية في القدس اختفت وانسحبت قدام قوة الار بي جي بتاعك وبالاساس طبعا القوة الروحية اللي بيبثها الاقصى في قلبك. هنا هتكون انت انتصرت يا بطل. هترجع مصر فرحان طبعا وفخور بنفسك. فارد طولك وعامل صباعينك على شكل (في) طول الطريق. هتواجه مشكلة واحدة في مصر، هيبقى فيه ختم اسرائيلي على جوازك طبعا. بمعنى اخر. انت تطبيعي، نظرا لسفرك الى اسرائيل وموافقتك على هذا الختم بالتحديد. للاسف الشديد، برغم النجاح المضمون لهذا النوع من المقاومة في تحرير الاقصى، لاينصح به ابدا. انه نوع من الخيانة الوطنية في ذات الوقت، حتى لو كان اسمك ادوارد سعيد او اهداف سويف
وبالفعل، اكتر لحظاتنا اللي طبعنا فيها مع اسرائيل ماكانتش في التسعينيات، أبدا بالعكس، دي كانت ايام الحروب مع اسرائيل، وكنا بنطبع في نفس الوقت اللي كنا بنحارب فيه. تخيلوا لو عسكري رفض الذهاب الى الجبهة للحرب في 73 بحجة ان هناك اسرائليين وانه مابيتواجدش في مكان فيه اسرائيليين، كانت الحرب ستنتهي بهزيمة ساحقة طبعا، بس اكيد ان الجندي دا كان هيبقى اكتر اعتزازا بنفسه من اي قائد عسكري دنس عينيه برؤية الاسرائيليين لمواجهتهم، او تخيلوا لو قائد عسكري ما شال كلمة اسرائيل وحط بدالها، من منطلق وطني شديد النبل، كلمة فلسطين، على اعتبار ان مفيش حاجة اسمها اسرائيل وانما هي اصلا فلسطين، ودخلنا حرب 73 ضد فلسطين مش ضد اسرائيل، كانت هتبقى مشكلة، صح؟
الحرب هي اول مرحلة لرؤية الشخص اللي قدامك، لمواجهته وللتعامل معه، ويمكن بمعنى من المعاني، للاعتراف به. الحرب تعني بالتحديد، ان فيه جبهتين، المحور والحلفاء، اثيوبيا واريتريا، امريكا والاتحاد السوفييتي، مصر واسرائيل، مش كيان حقيقي وكيان مزعوم. دي هي مشكلتها الاساسية، الرعب الرهيب الكامن في وجودها. حد ممكن يحل المشكلة دي؟
انا شايف ان الحل الوحيد، للحفاظ على مسلماتنا الوطنية والقومية، اللي هي فعلا جديرة بالحفاظ عليها، هو ان نتوقف فعلا، ومنذ هذه اللحظة، عن مواجهة أعدائنا، وكل حي ف حاله، لانه كيف نواجه شخصا غير موجود اصلا؟

Friday, May 25, 2007

الكذبة اللبنانية



في نهاية الامر، وبعد انتهاء كل شيء، أي، بعد ما التاريخ يقعد ويقول كلمته ويدي درجات لكل شعب من الشعوب، هتبقى العشرة على عشرة في النهاية من نصيب الشعب اللبناني. التاريخ هيبقى زهقان. هيكتب جملة مختصرة جنب العشرة على عشرة: لم يفعلوا اي شيء
طبعا تعليق التاريخ مختصر، اما الاجابة المطولة فهي: لم يفعلوا اي شيء سيء، لانهم مجرد اختراع، أو افتكاسة، أو، إذا شئتم، كذبة عظيمة. خلونا نفتكر ان لبنان، او بالاحرى، الشعب اللبناني، ماكانش له اي دور في الصراع الاخير بين الجيش اللبناني وبين حركة فتح الاسلام، اللي هي فلسطينية، او اردنية، أما الجيش اللبناني فهو بيخدم مصالح اسرائيلية طبعا، لانه بيحارب الفلسطينيين، يعني لا داعي للتشكيك في اسرائيليته يا إخواني في الله. السذج بس هم اللي فاكرين ان الضرب دا حصل في لبنان
من ايام الحرب الاهلية في لبنان الفلسطينيين مظهروش هناك. في الفترة ما بين الحرب ولغاية الضرب دا، كان فيه ناس تانيين موجودين في لبنان: ايرانيين وسوريين واسرائيليين وفرنسيين وامريكان بالاساس. طبعا لا نعدم برضه وجود ناس تعتقد ان الحرب الاخيرة دي حصلت في لبنان، سوري يا جناتل، كلنا عارفين ان الحرب كانت في الاساس بين سوريا واسرائيل على ارض لبنان المقدسة، او، اذا حبينا نشم هوا في حتة ابعد شوية، فهي كانت حرب بين امريكا وايران، أما لبنان المسكين، لبنان الطيب، فهو مسكين وهو طيب، بالبداهة يعني. يعني باختصار هو غير موجود. حتى في المظاهرات المليونية اللي كانت بتطلع بين حزب الله وبين اربعتاشر اذار، ماكانش للبنانيين علاقة بيها، حتى وان كانت المظاهرات دي، حسب تقديرات الفضائيات، ضمت اكتر من اتنين مليون لبناني، يعني اكتر من نص الشعب اللبناني نفسه، كلنا عارفين انها كانت عبارة عن عملية تطليع لسان بين سوريا، اللي عاوزة جيشها في لبنان، وفرنسا، اللي مش عاوزة جيش سوريا في لبنان. كيد للعوازل، قرش ملحة متبادل، هذا هو المصطلح الاكثر دقة للتدخلات الخارجية على ارض لبنان وترابه الطاهر، النظيف، الشريف والعفيف
بعد كل دا من حقنا نسأل طبعا: هو الشعب اللبناني بيشتغل ايه؟ الاجابة يا حضرات: الشعب اللبناني مش فاضي يشتغل. بيذاكر. بيجتهد، علشان في النهاية يطلع الاول في امتحان التاريخ، بصفته الشعب الاول الذي لم يفعل اي شيء في حياته


لمزيد من المعلومات يرجى مراجعة الرفيق زياد رحباني في هذا الشأن

Friday, May 18, 2007

اوضاع غير جيفارية

من التراث المصري: بعد اي تنضيف للبيت، تنهيدة ارتياح على لسان ست البيت ويليها: النضافة حلوة برضه. فيه ستات بيقولوا الجملة دي مجرد ما ينضفوا اي حاجة. برغم ان الجملة مش كدا، الجملة المفروض بتتقال بعد فترة طويلة من الوساخة، اللي بعدها ممكن تحس ان فعلا النضافة حلوة برضه، مقارنة باللي قبليها، والست لما بتقول الجملة دي عمال على بطال عاوزة تخلق باثر رجعي، شهورا من القذارة العظيمة، شهور كان فيه البيت مقلب زبالة قبل ما تبدا في التنضيف، علشان تحس بروعة الانجاز. هي كدا استريحت يعني لما قالتها؟ ماشي

من حوالي اربع سنين، لما خلصت البحث اللي كان المفروض اعمله في تمهيدي ماجستير، رحت اسلمه. دا كان في اخر يوم بالزبط لتقديم البحوث. كنت كاتبه على الكمبيوتر، رحت لمحل طباعة. صاحب المحل كان بيقفل وماشي. اتحايلت عليه شوية لغاية ماقدرت اقنعه بفتح المحل، وهناك شرحت له معضلتي الوجودية: البحث بكتبه بقالي خمس تشهر. ولو ماكنتش قدرت اطبعه النهاردة كان يبقى كإني معملتش حاجة. الراجل كان بيسمعني بنص تركيز. في الحتة الاخرانية قال: فهمتك. يعني تعبك كان هيروح هدر

اللغة مش حاجة نازلة من عند ربنا، اللغة احنا اللي اخترعناها، هي حاجة احنا بنشتغل عليها كل يوم، وعلشان نعمل حاجة جديدة لازم تكون على مقاس حاجة قديمة. صاحب محل الطباعة مفهمش كإني معملتش حاجة. اضطر يشتغل شوية في ترجمتها. وصل في النهاية للتعبير اللي هو فاهمه وهو ان التعب هيروح هدر. اللغة مبيحركهاش المنطق في الغالب انما النماذج الموجودة. احنا بنحسب صحة الكلمة ولا لا على حسب هي اتقالت في القران ولا لا. لكن فيه مشكلة بسيطة: القرآن فيه مثلا غلطات في النحو، مثلا فيه كلمة خاطئون، وهي كلمة مش صحيحة لغويا، لان مفيش فعل ف العربي اسمه خطأ انما فيه فعل اسمه أخطأ ويبقى اسم الفاعل منه مخطئ. بس النحو اتعمل قياسا على القرآن، والقرآن مكتوب قياسا على لغة اهل قريش، وكل حاجة بتتبع اللي سبقها بغض النظر عن المنطق. اللغة هي اللي بتخترعنا وبتخلقنا، بتحبسنا جوا تاريخها، جوا حاجة اسمها الايديوم، وتسد علينا الطريق لحاجة تانية مشكوك فيها اسمها المنطق

كل دا علشان اوصل لسؤال واحد: مين ممكن يصدق ان جيفارا بيتنطق اسمه بالجيم القاهرية، مش الجيم الشامية، بالجي مش الجيه، بعد ما حبسناه جوا الجيم الشامية اللي شكلها اشيك؟غير دا. مين ممكن يصدق ان جيفارا قاعد بيضحك زي الاهبل والحزام والبنطلون مبينين كرشه بعد ما فك زراير بدلته؟ او انه شخص وسيم حليق الشنب والدقن لابس بدلة، أو إنه بيلاعب ابنه زي اي موظف في قلم الحسابات، بعد ما الصورة، وهي اختراع توأم للغة، حبسته ف دقن معفنة وطاقية النجمة الدهبية وعينين باصة لبعيد، ثوري حالم بمشيئة الله








Friday, May 11, 2007

سليمة. من عبدتك بعد ربي


أرى سلمى بلا ذنب جفتني/ وكانت أمسٍ من بعضي ومني


سلمى تجافيه، وهو يسعى لاستعادتها، برغم أنها كانت جزءا منه. دعونا نرى كيف سيحاول استعادتها. ذاك المحب العكروت


كأني ما لثمـت لهـا شفاهـاً/ كأني ما وصلت ولم تصلنـي


الشفاه موطن الذكرى، القبلة وعد بالوصل الدائم. طباعة الشفتين على الشفتين، ختم لا ينمحي أبدا، أو هكذا يقول المحب. القبلة مكان لكسر العين، لاستعباد المحبوب، لضمه إليك طول العمر


كأنـي لـم أداعبهـا لعوبـاً/ ولم تهف إلـيّ وتستزدنـي


رغبة المحبوب وعد آخر، المحب يمتلك محبوبه عبر رغبة الأخير فيه. وإن تحولت الرغبة أو تبدلت أو تغيرت فلا يغيرن هذا من أمرنا شيئا، نظل نطالب المحبوب بما كان لنا يوما، بأمارة ما انت اللي كنت عاوز يا روح امك


كأن الليل لم يرض ويرو/ أحاديث الهوى عنها وعنـي


الآخرون أهم عناصر الحب، بهم يخرج الحب عن سريته، وبالتالي عدم يقينيته. طالما شاهد الاثنين آخر، طالما كانا مثار الحكايات عند الآخرين: أماكن، باعة في الطريق، مقاه، شوارع، والليل كاملا في حالتنا، فحبهما حقيقة، ومن هنا فهو أبد. المدى الأفقي، الحقيقة، يتحول إلى مدى رأسي، الأبد، الزمن، على طول الزمان أطالبك يا سلمى أن تكوني لي، بأمارة الليل الذي رآنا، ماذا سيروي عنا إن نحن تجافينا؟


سليمة. من عبدتك بعد ربـي/ سواءٌ في القنوط وفي التمنـي


عبدتك على حالين، رجائي فيك ويأسي منك، عبدتك على الحالين لا كما أعبد ربي، والله عند حسن ظن العبد به، وإنما عبدتك بيأس، عبدتك وكفرت برحمتك، أنا عابدك الكافر بك


غداً لما أموت وانـتِ بعـدي/ تطوفين القبور علـى تأنّـي


لما اموت وأنت بعدي. أي: لما أموت وانت تموتين بعدي ان شاء الله. لحظة صمت. لحظة استدراك. تكتمل الجملة. وانت بعدي تطوفين القبور. هكذا: يفرغ غضبه عليها. يتمنى لها الموت، ولكنه يردها إليه، كاليويو بالضبط، يلاعبها ويتلاعب بها ويلعب عليها، ينشغل بها ويشاغلها ويشتغلها، هو عبدها الذليل


قفي بجوار قبري ثـم قولـي:/ أيا من كنتُ منك وكنتَ مني
خدعتك في الحياة ولم أبال/ وخنتك في الغرام ولم تخنّـي


لحظة الاعتراف المتوقعة ساعة الممات: يستنطق المحب سلماه، يقررها، أو بشكل أدق، يكتب هو الاعتراف ثم يجعلها توقع عليه، الاعتراف هنا ليس ما يريد أن يسمعه المحب من محبوبه ساعة الموت، ولكنه ما يريد للمحبوب أن يسمعه الآن، لحظة إنشاد القصيدة. الاعتراف/ العتاب، موضوعه الخيانة، وهو يرتد بين المتكلم والمخاطب كالزمبلك. ليس فقط اعترافا او عتابا. إنه غزل أيضا


كذا طبع الملاح فـلا ذمـام/ فُطرن على الخداع فلا تلمني


غفرت لك يا سلمى، أنت جميلة، وهذا طبعك، بصفتك جميلة، أن تخوني. ولو لم تخونيني لما أحببتك، لأنك كنتي لتصبحين قبيحة يا حياتي. الغزل سلاح أخير بيد المحب لاستعادة محبوبه، من من المحبين يغازلك يا سلمى، يا سلملم، يا خائنتي الحبيبة، ويغفر لك خيانتك، ويمرر لك ملاحتك في غفرانه، إلا أنا






الأغنية بالمناسبة كلمات محسن إطميش وألحان كمال السيد، وغناها الكثيرون: زكية حمدان وأمل عرفة وريما خشيش. هي ساحة عظيمة لاختبار الصوت



Sunday, May 06, 2007

في مديح أهل النار

عندي انطباع دائم إن عالم النار هو عالم عظيم. الكسل هو أهم حاجة في الجحيم، أهل النار مدللون، مبيعملوش حاجة أبدا، في مقابل أهل الجنة، اللي بيذكروا الله وبيحمدوه وبيتبادلوا السلام والتحية وبياكلوا وبيشربوا فاهل النار تقريبا لا يقومون بسائر الأعمال المجهدة، أهل النار لا يفعلون غير التألم، والتألم، سوري، مش شغل. ليس عملا أبدا
برغم عملهم، وبرغم كسل نظرائهم على الضفة الأخرى، فحياة أهل الجنة رتيبة، أكل وشرب ومضاجعة وتحيات طيبات. في المقابل، النار هي عنصر اللذة الحاسم ف جهنم. النار متواصلة. لا تخمد أبدا، ولذتها لا تنفد "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب". اوف، شو عبقرية. النار مستمرة، والاحساس بها مستمر، الجلد لا يتيبس ولا يذوب، بتفضل ملامسة النار للجسم حية على طول، اللسعة فالحريق فالانصهار فنمو الجلد من جديد فاللسعة فالحريق فالانصهار، مفيش حاجة هتمنع النار من الوصول لهدفها، ولا هتمنع جلدي من التلذذ بمداعباتها، من الاتحاد بها وأن يصير هو وهي نفس السائل، الثقيل، اللزج، المقزز، ولكن الملهم لأقصى درجة
في المقابل، ليس في القرآن وصف لما سيحدث إذا مل المؤمنون من الفاكهة والنخيل واللبن والخمر والحوريات، كل شيء يدور وفق نفس الجدول، كل شيء في الجنة ثابت وإيقاعي، أو على الأقل هذا ما يصل إلينا من خلال المصادر المتاحة لوصف الجنة. وانا صغير كنت بخاف اوي من الملايكة، كانت صورتهم واحدة في راسي ولا تتغير، دايما بيغنوا اغاني بطيئة، بنفس الايقاعات، تررم تررم تررم، ومفيش أي قوة ممكن تحول التررم إلى تراللا مثلا. هل للسبب دا لما الرسول راح ف رحلة المعراج ماشافش ناس من اهل الجنة وانما ناس من اهل النار، وللسبب دا اعظم اجزاء دانتي هي الجحيم؟ النار كانت دايما ملهمة للفنانين والانبياء، مش الجنة، لحسن الحظ او لسوئه
من حوالي خمس سنين، لما الناس ابتدت تعيط في صلاة التراويح وهي بتسمع القرآن، اكتشفت انهم بيعيطوا على طول على اوصاف النار، ومش الجنة. البكاء من خشية الله، هو اللقب الديني لحالة التلذذ الفني باوصاف النار، التلذذ اللي بيوصلك للحالة الشعورية اللي بمقتضاها بتكتشف انك لازم، لازم حالا، تعيط، مش بس علشان جارك ف الصلا بيعيط، ولازم تعيط زيه علشان ميبقاش هو اقرب لربنا منك، انما بسبب حالة تأثر حقيقي، تاثر بعالم كابوسي، غرائبي، قوطي بينفتح قدامك، عالم النار والاحماض والمسوخ والغرائز المنحرفة هي اعمدته الرئيسية، زي اي رواية لدي ساد

Monday, April 30, 2007

ب س م ا ت و ط ن

فيه برنامج بييجي على الال بي سي اسمه ب س م ا ت و ط ن. طبعا دي مفارقة، لانه ممكن يبقى بسمات وطن، أي ابتسامات وطن، وممكن يبقى بس مات وطن، أي: ولكن وطنا قد مات، أو، فقط مات وطن، لأن بس، زي بات الانجليزية، بتدي معنى فقط وبتدي معنى لكن. خلينا ف الاحتمال الاول: ولكن وطنا قد مات. دا احتمال حلو. طبعا البرنامج دا هو اللي كان عرض صورة حسن نصر الله بشكل كاريكاتيري فالناس خرجوا وهاجوا وحرقوا وخربوا. ما علينا، مش دا اللي احنا جايين نتكلم فيه، احنا جايين نتكلم ف لكن، جايين نتكلم ف بس، جايين نتكلم في اللغة العربية

ف يوم من الايام، صحصح نبيل فاروق جيلنا على جماليات لكن. كل شيء مضمون الان في يد ادهم صبري، الانتصار الحاسم ف المعركة مضمون له، ولكن.. نبيل فاروق النحنوح بيقعد في لكن دي كتير: واه من لكن هذه، يستطرد بما معناه ان لكن دوما ما تقلب الموازين. ناس كتير، من الشباب اللي كانوا بيقروا ادهم صبري، وقفوا عند لكن، بقى قرآن انك لازم بعد ما تكتب لكن تكتب وآه من لكن هذه وتكتب ان لكن بتقلب موازين الاشياء. بمعنى ما، الجيل صحي على الامكانيات العسكرية الكامنة في لكن. قدرة لكن على إعلان المعركة بين شطرتي الجملة وعلى الحسم فيها. خلينا ف مثال عملي. انا بقول نصك جميل. والجملة خلصت، وانت بتبتسم. بس بكمل: لكن ساذج. وانت بتكشر. ظهرت الحرب بين الجمال والسذاجة، وتم الانتصار للسذاجة، الانتصار لكون الكتاب ساذجا اكثر مما هو جميل، والدليل تكشيرتك النهائية يا بشمهندس. لكن تعلن الحرب، تعلن ظهور المعركة الحاسمة بين شطرتي الجملة الاولى والثانية، ودائما ما تنتصر للشطرة التالية، للشطرة التي تليها، للمستقبل، لما سيأتي، وتعلن هزيمة الشطرة السابقة، الماضية، العجوز والمترهلة والراحلة. والعكس، لو قلت ان نصك ساذج لكنه جميل هتبتسم، برغم ان الجملتين متساويتان ظاهريا في العدة والعتاد. بس للأسف، دايما لكن باصة على اللي قدامها، وقدرتها على اعلان انتصار الشطرة التالية لا تقبل المراجعة
بعد كل دا. ايه معنى اني اقول بس مات وطن. لكن مات وطن. اني ابدا بلكن دي. أبدأ بإعلان النصر العسكري على عدو غير موجود، وهو الشطرة الاولى اللي انفقدت من عنوان البرنامج. بدون ما تكون البنت نطقت بيقول لها الولد: بس انا مقدرش اعيش من غيرك. وتكتب بنت اخرى رسالة الى ولد اخر تصدرها ب: ولكنني احتاجك كثيرا. البدء بلكن هو الانتصار على عدو وهمي، الانتصار على عدو لم يخلق بعد، الانتصار على العدو ثم التفكير في إن كان موجودا أو لا، هو الانتصار العصابي، المهووس، المتوتر، على شيء ما مفترض، او كامن، او متوهم، هو الانتصار الهستيري بكل ما يحمله من روعة

Saturday, April 28, 2007

الصدور الموشك لبابل


في يوم من الأيام، بعد تخرجه و جلوسه عاطلا في البيت لسنة، التقى مراد بسليمان، صديق من القاهرة تعرف عليه مرة هناك في إحدى مقاهي وسط البلد، فاتحه سليمان في مسألة تصميمه لعدة إعلانات عن قاموس "ألف" الذي تنوي دار نشر "أبجد" إصداره، أخذ سليمان يشرح له مميزات القاموس، يترجم من العربية إلى خمس لغات أوروبية، الإنجليزية والفرنسية و الإيطالية والألمانية و المجرية، و من هذه اللغات إلى العربية، أخذ سليمان يشرح باستفاضة أما مراد فكان يتطلع إلى شيء ما مختلف تماما، وجه سليمان، كان وجها أمرد كأنما لطفل مصاب بالسرطان، وجها مفرغا من محتواه، عندما قاما ليستقل مراد قطاره عائدا إلى الإسكندرية و يمضي سليمان إلى بيته أخرج مراد محفظته ليدفع الحساب، سقطت سهوا منه صورة قديمة له. انحنى ليأخذها. لمحها سليمان. خطفها بسرعة من يده. حملق فيها طويلا. بعد قليل قال أن وجه مراد في هذه الصورة يشبه وجه زميل قديم له. زميل له اسم غريب. بعد ثوان قال ان اسمه كان نائل. تخيل واحد اسمه نائل؟ اسم غريب اوي. ضحك سليمان والتمعت في ذهن مراد الفكرة النهائية، سحبت ملاحظة سليمان تلال ذكريات ليسيه الحرية من مكمنها، اجتاحت ذهن مراد، جالبة معها إضاءة بسيطة، وجه سليمان هو صورة، كامنة أو غير متحققة، أو حتى تحققت إلى درجة الإفراط، من وجه نائل، زميل الليسيه القديم، ملامح نائل هي البصمة الخارجية المحيطة بوجه سليمان المفرغ. لم يتوقف أبدا مجاز الفراغ المحاط ببصمة خارجية عن مداهمة مراد

Friday, April 27, 2007

حوار تكعيبي

رقم واحد: أنا معارض
رقم اتنين: وأنا كمان
رقم واحد: بس أنا معارض من منطلق وطني
رقم اتنين: وأنا كمان
رقم واحد: أنا أصلي بحب مصر أوي
رقم اتنين: وأنا كمان
رقم واحد: بس انا بحب مصر بشكل مختلف، مش لازم يعني مصريتنا وطنيتنا حماها الله.. انا اشتمها والعن ابوها وتبقى هي ف درب وانا ف درب.. بس تلتفت تلاقيني جنبها ف الكرب
رقم اتنين: صح كدا
رقم واحد: وبعدين سبنا من كلمة الوطن والكلام الكبير، أنا بحب مصر بتاعتي، الصحاب والشيشة والخناقات ووسط البلد، الشاي بالنعناع، صوت ام كلثوم من على قهوة بلدي، إذاعة القرآن الكريم، عبد الوهاب وفايزة وفريد. ريحة الشوارع المغسولة بعد ما الدنيا تمطر
رقم اتنين: وانا كمان
رقم واحد: فيه حاجة هنا مش هتلاقيها ف اي مكان تاني
رقم اتنين: صح كدا
رقم واحد: حتى خناقاتنا الصغيرة. حتى عدم إيماننا ساعات باللي بنقوله. قصيدة النثر والتفعيلة والعمودي، الحداثة والديمقراطية، المظاهرات اللي بنستلف فيها فلوس علشان نعرف نروح، المعاني اللي اكبر مننا واللي احنا بنقعد نرددها ونتخانق عشانها وبعدين نتصالح
رقم اتنين: صح كدا

(صمت طويل)

رقم واحد: انا كلامي مش عاجبك ف حاجة يا أخينا؟
رقم اتنين: لا بالعكس
رقم واحد: عاجبك يعني؟
رقم اتنين: اه عاجبني
رقم واحد: ينظر له متشككا لدقيقة. مستفزا. عصبيا

(صمت متوتر. صمت أكثر طولا)

رقم واحد: طب انا رايح التكعيبة
رقم اتنين: وانا كمان

Sunday, April 22, 2007

ردا على الزاعمين بانه هان الود عليه ونسيك وفات قلبك وحداني



درس ف السجال القانوني المفرط: قالولي هان الود عليه ونسيك وفات قلبك وحداني
في البداية، مفيش عناصر الخبر الصحفي وبالتحديد السؤال عن الفاعل. مين اللي قالولو؟ مفيش توضيح. ف الغالب هما الاخرون، بمعنى اخر العزال. على طول الاغنية هما بيشمتوا وبيلوموا وهو بيشغل نفسه انه يدخل معاهم ف محاججة عقلية، دور شطرنج ذهني، بينج بونج ثقافي، حاجة زي كدا


رديت وقلت بتشمتوا ليه؟ هو افتكرني عشان ينساني!؟. على طول الاغنية هيفضل دا الدفاع الاساسي للمتهم. المتهم بيواجه من قبل عزاله بتهمة ان حبيبه نسيه. وهو بيرد عن حبيبه التهمة بشكل طريف: علشان يكون حبيبه نسيه لازم يكون يوما ما كان فاكره. وبما ان عمره ما كان فاكره، فبالتالي هو مانسيهوش. احم. يعني، الغياب بشكل تاني بيعني الحضور، ان فيه حضور ما، فيه ذكرى حضور، ولو بائس ولو هزيل ولو ضعيف ولو أي كلام. من اول جملتين، بنكتشف ان سجال المغني هو سجال فلسفي، مهني، سجال حول استخدام المصطلحات، مش حوالين واقعة معينة، وهذا افضل جدا، مع ثغرة مهمة: وافضل امنّي الروح برضاه القاه جفاني وزاد حرماني. الخيط المنطقي هنا بيتهاوي، لان، بنفس المنطق، معنى ان فيه جفا ان كان فيه وصل، ومعنى ان كان فيه وصل انه كان فاكره، بشكل ما، بمعنى ما، ذات لحظة ما. احمد رامي هنا، بصوت عبد الوهاب وبعدين سمية قيصر، بيستخدم اضعف خيوط دفاعه دي بالتحديد علشان يكرر نقطته الاساسية: هو اللي حالي كدا وياه كان افتكرني عشان ينساني!؟. هنا بالزبط، بيثور شك ان رامي كان بيكرر الافيه بتاعه بشكل ببغائي. انه ماكانش واعي بيه اوي، او على الاقل محاولش يعلى بيه، لولا الاكتشاف الجاي

دا مهما طول شوقي اليه، ومهما زاد هجره وبكاني، بكره يعز الود عليه، ويفتكرني عشان ينساني. المغني عاوز يرتقي درجة، عاوز يدعي بفخر ان حبيبه نسيه، زي ما عزاله بيدعوا عليه، نفسه يبقى على نفس درجة الطموح اللي عزاله بيتهموه بيها. الشخص اللي بيغني، وهو نفسه الشخص اللي بيحب، بيتمنى ان حبيبه يفتكره، ودا بهدف واحد، انه ينساه. نسيان المحبوب بقى هدف ف اخر الاغنية، عبد الوهاب مصدق كلامه اوي، مصدقه بشكل مفرط، لدرجة ان منطقه انقلب على نفسه، أكله، اكل دماغه، سيطر عليها وحركها: بما ان معنى نسيان المحبوب ليه انه كان فاكره، فيبقى النسيان بقى هدف ف حد ذاته، و كون حبيبه يفتكره بقى هدف ثانوي، محتاجينه بس علشان نطلع منه على الهدف الاسمى، نسيان المحبوب. العبودية للمنطق، نسيان الوقائع، الأحداث، الحياة الواقعية، والتركيز بس ف محاولة الاقناع والياتها وتصديق الاليات دي وتركها تتدخل في الحياة الشخصية، ف الوقائع بالتحديد، علشان تغيرها، هي دي الميزة الحاسمة للاغنية العظيمة دي


Friday, March 30, 2007

حقدنا المقدس على المحبوب



استكمالا للبوست السابق: بتبدأ اغنيتنا النهاردة بشكوى تقليدية، تقليدية اوي، من كون أنا - الشخص اللي بغني والشخص اللي بحب والشخص المتفاني والشخص المعذب في شخص واحد، مش عارف انام من كتر وجدي وتعذيبي، شكوى قديمة قدم الشعر العربي. جملة بسيطة: عيون القلب سهرانة مابتنامشي. حلو. الناس لسة وخمانة وحاسة انها بتسمع حاجة بتطربهم، حاجة سمعوا زيها قبل كدا كتير، ولسة مأسورين يمكن بالوش الملائكي للمغنية، البراءة والدعة الرهيبة. فجأة نجاة بتفجر قنبلتها. بتقارن بين نفسها وبين حبيبها في المميزات التي لدى كل منهما في موضوع السهر والارق والنوم: (وانا رمشي ما داق النوم/ وهو عيونه تشبع نوم). ومش بس بتقارن، الغل وصل بيها لدرجة انها تقول روح يا نوم من عين حبيبي. الغيرة من حبيبها عمت قلبها، وهذا افضل جدا
نادرا ما بنلاقي اغنية عربية بيتعلق موضوعها بالحقد، واقصد هنا الحقد الحقيقي، الغيرة السودا من شخص ما، وخلينا نكون مباشرين، الرغبة المخلصة في إيذاء الحبيب، مش علشان بيعذبنا في حبه، انما لانه بيتمتع بمميزات حياتية افضل منا، احنا ممكن نشتمه، اكيد هنغير عليه، لكن نغير منه هو تحديدا، وعلشان هو احسن مننا، نحقد عليه، ونحسده، دا امتياز لنجاة على ما اعتقد. واحد من اجمل امتيازاتها
على طول الاغنية نجاة، ومعاها الابنودي، مابيركزوش. بيفتكروا ان الاغنية عن الحب: (حبيبي آه من حبيبي/ عليه أحلى ابتسامة)، أو عن الشكوى من الارق: (ورحت معاه/ وما اداني الا السهر)، بس بين الحين والاخر بيحضر الموضوع اياه، كإنه مختزن في اللاوعي ومكبوت لصالح تقاليد الاغنية العربية الغرامية. فجأة المقارنة بتحضر بكل قوتها، وبشكل ساخر جدا: (هو يروح ويمشي/ وانا اسهر ما انامشي/ ياللي ما بتسهرشي/ ليلة يا حبيبي.) شفتو الترقيصة دي. دي بتشتغله. بتتكلم عن حبها ليه وبتشتكي من سهرها ف حبه، وفجاة بتناديه بياللي ما بتسهرشي. انت فاكر ياللي مابتسهرشي اني غيرانة منك علشان انا مش عارفة انام، يابن الجزمة ياللي واكلها والعة، كل دا بيطلع بسلاسة رهيبة من واحد من اكتر الوشوش طفولية ونعومة في تاريخ الغنا المصري


على آخر الاغنية، بس قبل الاخر بشوية، نجاة بتاخد حبوب الشجاعة، بتعترف ان الموضوع الرئيسي لاغنيتها ولحياتها كمان هو الحقد دا. سكوت، نجاة بتسكت شوية، المزيكا بتهدا شوية، تقريبا الناس حست ان فيه حاجة هتحصل، حاجة مهمة في مسيرة الاغنية، نجاة بتدي مقدمة تلطيفية قصيرة: (حبيتك يا حبيبي من غير ما اسال سؤال/ وهاسهر يا حبيبي مهما طال المطال) وفجأة. ارتقبوا القنبلة يا اولاد: (انا بس اللي محيرني وماخلانيش انام/ ازاي انا بقدر اسهر وازاي تقدر تنام). دا بس اللي شاغل حياتها كلها، يعني مش حبه اللي مسهرها، هي أكثر شرا من كدا بكتير. اللعبة سريالية، دايرة مقفولة على نفسها: انا بسهر علشان افكر انا ليه بسهر وانت بتنام. مسألة عبثية. الحب ورا خالص، الحب اتفه من انها تفكر فيه، وحبيبها كمان اتفه كتير، كله بييجي في مرتبة تالية بعد حقدها المقدس، حقدها الحبيب، حقدها المدلل، حقدها الملهِم، بكسر الهاء، اللي بيخليها تسهر وتفكر وتغني

Saturday, March 17, 2007

حقنة في وريد أنغام

مرة من ذات المرات، كتب شخص ما، وانا اعتقد انه عصام عبد الله، لشخصة ما، وانا متأكد انها أنغام، على لسانها، كتب على لسانها بيقول: اطلق الصبر ف وريدي. دي كانت لحظة مهمة، لكن كمان كانت تتويج لفصال طويل بينها وبين حبيبها. فصال طويل كانت تفاصيله كالآتي
لو ضروري تفوتني خد مني الحنين/ واختصر بعد السنا خليه يومين/ قبل ما تسافر بعمري/ اسجن الشوق والمنا/ واطلق الصبر ف وريدي


الاغنية كانت ضد الغياب، ضد غياب الحبيب، وبتتقال على لسان الحبيبة، أنغام. لكن فيه سؤال مهم. ليه قالت اطلق الصبر، وماقالتش احقن الصبر. طبعا مينفعش الصبر ينطلق جوا الوريد من غير حقنة. بالاضافة ان البنت مدردحة ومش عاوزة تشبيهات رومانسية كتير، هي بتفاصل زي اي ست، وبتفاصل بشكل سادي، السنة هتبقى يومين، يومين بس، ودا اصلا لو كان ضروري تسافر، ولازم اجراءات السفر تتم، حضرتك هتاخد الحنين مني، تاخدهم مع الباسبور والتيكيت، وانت بتتأكد ان محبس الميا والكهربا مقفولين هتتأكد كمان انك قفلت على الشوق والمنا، مضايقاك الاجراءات؟ ما انت مسافر بعمري يا حياة عمري. حد قالك بم يا روح امك؟ وكمان هتطلق الصبر ف وريدي. هنا المسائل بتقف. تطلق مالهاش محل، الراجل بيعمل اجراءات، ومفيش ف الاجراءات حاجة اسمها يطلق. الاغنية هنا بتتكعبل


فكرتي كالآتي: السيد عصام وهو بيكتب كان محتار. هو عاوز يعمل إفيه، مقابلة ما بين
اسجن الشوق والمنا، وما بين اطلق الصبر في وريدي. ومحتار، هو فعلا حاسس انها لازم تكون احقن، لكن احقن، برغم انها اقرب له واقرب لكل اللي هيسمع الاغنية، لكن، برغم احترامه الكامل لوجهة نظر اي حد مش محترف اغاني، احقن مش إفيه، هي هتمشي مع جو الاغنية، ومع جوه، ومع جو انغام، ومع جوي، لكن فين اللعب بالكلام، فين التضاد الذي يوضح المعنى ويبينه؟ خلو بالكو ان اي مؤلف اغاني مش شرط يبقى عبقري، بس لازم يبقي محترف بشكل عبقري. لحد هنا والحيرة تمسك بزمام الراجل فلا تدع له افلاتا ولا إطلاقا ولا إحقانا


في عز الحيرة فجأة بتظهر المعلومة الذهبية، بتظهر من عمق ذاكرة عصام عبد الله: مفيش حاجة ف العربي اسمها احقن الصبر ف وريدي، فيه حاجة اسمها احقن وريدي بالصبر. بس، هو دا العربي اللي احنا اتعلمناه، يعني الحقنة مش بس هتهد الافيه لكن كمان هتهد بنا الاغنية كلها. بمعنى آخر: مفيش حد هيحاسب المؤلف على اجرامه بحق اغنيته لما اختار "اطلق". اهي الكتب قدامكو. حاسبو اللغة العربية متحاسبونيش انا

اضطر عصام يأجل عبقريته خطوة، أو يخبيها، او يحطها ف مكان تاني. يمكن مثلا على لسان منير وهو بيقول: انا ممكن اجريلك دمي، انا حاسس دمي هيتصفى. نفس المجاز الدموي. هنا بالزبط، الرد المؤجل على حقنة الصبر اللي خاف يستعملها

Thursday, March 15, 2007

شكرا درويش. شكرا حبيبي

هذا وقد صرح شاعر فلسطين الكبير محمود درويش بأن أحداث العنف الأخيرة في غزة بين حركتي فتح وحماس هي اعتداء على معنى فلسطين وماهية الروح الفلسطينية، ومن جهتنا نحن فقد احتسبنا عند الله عز وجل معنى فلسطين، ومعه الروح الفلسطينية، الذين وقعا ضحية الاعتداء الأثيم لفتح وحماس على بعضهما البعض، في نفس الوقت أو بالتزامن أو في الأعقاب بثوان معدودة

كما طرح درويش، على الضمير العالمي والعربي والمحلي والشرق الأوسطي والبحر متوسطي، مشكلة لوجستية خطيرة، إذ قال إن ما حدث في غزة جرحه كثيراً وأنه مرتبك، وتساءل عن التسمية الأجدر بقتلى الجانبي، جانب فتح وجانب حماس، قائلا: هل نسميهم شهداء أم ضحايا؟

وفي محاولة للاستجابة إلى سؤاله صرح مصدر مسئول بأنه يثمن غاليا اهتمام درويش اللغوي بالمسألة. وأن هذا الاهتمام اللغوي إنما هو متسق مع أجزاء مهمة وحاسمة في مسيرة الشاعر الكبير حول فيها فلسطين إلى معنى كبير بدلا من أن يهتم، كما يفعل السياسيون الحمقى، بالبشر المبتذلين. شكر المصدر المسئول درويش وأضاف أن الأخير كان يلمح إلى أن حل الصراع الدائر إنما يكمن على صفحات مختار الصحاح، وليس في أروقة الأمم المتحدة ولا مكاتب السلطتين، الفتحاوية والحمساوية. وأضاف المصدر: "هذه قراءة جديدة للصراع، شكرا درويش. شكرا حبيبي". وقد لاقت هذه اللفتة العاطفية الأخيرة اهتمام المصورين إذ رافقتها دمعة متحجرة في أعين المصدر المسئول، ونحن بدورنا نشكر مصدرنا على مثل هذه اللفتات الطيبة التي تضفي معان إنسانية رفيعة على الحوار


هذا وطالب درويش في نفس التصريحات بضرورة "عدم التأريخ لهذه المرحلة التي يجب أن ننساها.. وألا نؤرخ لها لأنها نقطة عار في تاريخ فلسطين والحياة الفلسطينية

هنا لم يستطع المصدر الكبير، إلا أن يتهدج صوته وهو يضيف أن درويش عنى دوما بالحفاظ على، وتسجيل، والتأريخ ل، واسترجاع اللحظات المجيدة في حياة الشعب الفلسطيني، لأنها هي معنى فلسطين، وأن عنايته هذه يتم التعبير عنها باستبعاد اللحظات غير المجيدة، لأنها اعتداء على معنى فلسطين، وقال أن معنى فلسطين، كما يبينه كلام درويش، هو مواجهة إسرائيل. حيث الفلسطينيون لا يأكلون ولا يشربون ولا يتقاتلون مع بعضهم البعض، وإنما يقاومون إسرائيل فقط، وحسب، وليس إلا. وأن هذا هو المعنى الوحيد لفلسطين، وأنه لو ظهر معنى آخر، أي معنى، لوجب استبعاده وعدم التأريخ له. وأضاف المصدر وهو ينهي تصريحه الصحفي مبتسما أمام كاميرات التصوير أن الشعراء دائما هم من يعبرون عن معنى أمتهم

Monday, March 05, 2007

المدونة كعلاقة جنسية

في يوم من الايام. كنت انقطعت كتير عن التدوين وبعدين رجعت له تاني فجاة، اخويا احمد شعبان بعت لي انه سعيد بعودة مدونتي اللي هو مش عارف انا بعاملها كدا ليه زي اللقيطة لغاية مابقت خرابة. خرابة وطفل لقيط. وانا بعد كدا بواصل علاقتي بالمدونة، بقطعها وبواصلها، بقطعها وبواصلها، كان الكلمتين دول اكتر حاجات لزقت ف دماغي ، خرابة وطفل لقيط، وبما ان المدونة هي ارض اللقاء الجنسي "الخرابة" وثمرته في نفس الوقت "الطفل اللقيط"، وبما ان كان واضح من كلامه ان الطرف التاني في اللقاء الجنسي دا لازم تكون شرموطة مش صديقة، "خلوا بالكو ان اللقاء الجنسي اللي اقترحه احمد شعبان ماكانش مصدر للمتعة وانما مصدر للاهانة، يعني مصدر اني اطلع دين ام مدونتي علشان هي بنت حرام، او بنت ذكرى مش عاوز اتذكرها، او على طول بتدنس الدم النبيل الملكي الذي لي بتذكيري بالجارية السوداء اللي فرشتها في الخرابة زمان"، بما ان كل دا حاصل، فاذن هلموا يا رجال، مبرر لي اذن اني اطلع دين امها، واضحك عليها ف فلوسها واضربها واهددها اني اجيب لها البوليس، وانا لابس الروب ديشامبر على اللحم وبدخن سيجار ونص كلامي بالفرنساوي. فلة يا احمدقريب جدا، واحدة صحفية اتصلت بي وقالت لي طيب وايه رايك في استغلال الكاتب مدونته للدعاية لاعماله. قلت لها اني مش مع دا. سبلت عيوني وانا بفلسف لها فكرة المدونة. المدونة هي القناع اللي الواحد بيستخبى من وراه. متنسيش نشطاء كفاية اللي قدروا يستخبوا ورا اسامي مدوناتهم علشان محدش يعرفهم. كانت اروبة. قالت لي طيب ماانت مخلي اسمك هو اسم المدونة. قعدت اضحك زي الاهبل وقلت لها في الاخر اني طبعا مش ملاك واني بعمل الغلط اللي انا مش حابه. طبعا افتكرت ناس كتير. طارق إمام، باسم شرف، محمد صلاح العزب، احمد العايدي وغيرهم، بنتعامل مع المدونات اكنها مواقع شخصية. مش بس كدا، لا دا كمان بنعامل مدوناتنا كهوانمنا، كمداماتنا، مراتاتنا، او حتى بناتنا، اللي بنديها اسامينا، طبعا خدتو بالكو. الهانم المدونة عكس خالص صباح الجارية المدونة اللي فرشناها في اول التدوينة دي. واذا كنا في مجتمع كامل، بيعامل مدوناته كاطفال لقيطين، ماعدا كام اسم انا قلتهم دلوقتي، يبقى الكام اسم دول، اللي مديين اساميهم لمدوناتهم، هما طبقة الكريمة اللي فوق وش المجتمع، هما الارستقراطية البائدة في وسط مجتمع كله بيزبط في اي خرابة قريبة، وزي اي ارستقراطية بائدة، اكيد شكلنا هيبقى مضحك جدا واحنا بنشوف اي بتاعة فجل فنبوس ضهر ايدها ونقول لها انشانتيه يا هانم، لكن كمان دا ليه مميزاته، اكيد محبي التحف هيحبونا اوي، واكيد ان نرجسيتنا وحبنا لذاتنا، هتقدر تدافع عنا ضد هذا المجتمع المتعفن المتوسخ المتفسخ المتفشخ يا زمان المسخ بعمارة يعقوبيان، مش بالاندلس، تيك كير

Wednesday, February 21, 2007

رحيل بكر

التليفون جا من نهى محمود. عندي خبر وحش. مش فاكر قالت ايه بالزبط لكن قالت اسم سهى واسم محمد. فهمت. لم يكن الامر يحتاج الى ذكاء. محمد حسين بكر مات
الخميس اللي فات. كنت قاعد معاه. مع محمد حسين بكر ومع سهى زكي مراته. كنت زعلان معاه، او هو كان زعلان معايا، او كان فيه حاجة بينا مش مزبوطة. اليوم دا كان صوته رايح، مبحوح وواهن، وبيتكلم ببطء. لدرجة ان كل كلمة بيقولها كانت سهى بتضطر تكررهالي علشان اسمعها. اتكلم عن الموت كتير. كان الموت ف دماغه اوي. اداني مقالة لنشرها ف اخبار الادب. قلت له انها هتنزل الجمعة الجاية. قال لي انها وقت ما تنزل هيكون مات. قلت له لا مش هيحصل، وكالعادة، كان الحق معاه، المقالة نازلة من غير صاحب المقالة. قبل ما نقوم حضنته وبسته. طلبت منه ميزعلش مني. قال لي بغضب، بتحدي وبتكشيرة، كإني شتمته، انه مابيزعلش. لما رجعت كتبت لصديقتي "هذه ملامح شخص يموت". لم اقل لها اني بكيت وانا مع محمد. بكيت بكيت. محمد كبر عشرين عاما يا اختاه. محمد يتوكأ على عصا. يرتدي بيريه ويتنفس بين المقطع والاخر، محمد بقى وزنه تلاتين كيلو يا اختي
كتب محمد حسين بكر مع محمد رفيع و سهى زكي، اللي بقت بعد كدا مراته، مجموعة قصصية باسم "بوح الارصفة". وف اخر ايامه كتب "حكاية البنت التي طارت" تحدث فيها عن الولد بكر وعن سهى و ارسل صورة مرسومة من محمد حسين بكر الى نهى رسمها له محمود الهندي. بنت محمد الصغيرة اسمها نهى بالمناسبة
ف اخر قعدة لينا مع بعض قال لي انت عارف انا كنت ليه عاوز الخبر ينزل عن المجموعة؟ قلتله علشان توريه لنهى. ابتسم. كانت المرة الوحيدة ف القعدة اللي بيبتسم فيها. قال لي انه عاوز بنته دايما تحس ان ابوها كان حاجة كبيرة. قال لي انه مش عاوز حد يضحك عليها ويقولها بحبك. لما ييجي حد يقولها بحبك تقول له لما ابوك يبقى زي ابويا ابقي حبني. ماكانش بيتكلم لوحده. كل كلمة كانت سهى بتكررها. كل كلمة كل كلمة. كنا على قهوة التكعيبة. كنت بقولها انا سامع يا سهى لكن شوية ويبتدي الصوت يروح مني. كنت بواصل الكذب واقول اني سامع. هو كان بيتنهد. يقول الجملة و يبصلها و يقول لها قولي له. وكانت بتقول لي
بعد شوية لقيت نفسي فاهم كل كلامه بدون وسيط. اكتشفت ان شفايفه كانت بتتحرك ببطأ شديد، وان البطأ دا هو اللي مخليني اقدر اتابعها وافهم كلامه. اكتشفت ان المشهد بقى سلو موشن واني بتابعه ومفيش ولا تفصيلة بتغيب مني، اكتشفت اني دخلت مع محمد ف كذا نقاش واحنا قاعدين. اتكلمنا عن فيرلين ورامبو، اللي هو نطقه رامبو وكررته سهى زكي على هيئة ريمبو، وهو النطق الاصح، لكن لما جيت اردد الاسم وراها لقيتني بقول رامبو، وهو نطق محمد حسين بكر، علما اني كنت بردد الاسم وراها مش وراه. اتكلمنا عن كافكا وماكس برود، و طبعا علاء الاسواني ومحمد الفخراني
بشكل مختلس تماما، واحنا قاعدين، انتهزت فرصة محدش خد باله منها، و لا هو خد باله، علشان اطبطب عليه، اخفيت الحركة دي بسرعة، كنت مكسوف منها اوي. كنت عاوز اقوله ان فيه حد معاه، ف الوقت اللي انا عارف انه كان اخر حد ممكن يسمع دا او يصدقه

Monday, February 12, 2007

عن الجهاد ضد البنشات الأولى



درست عبري ف جامعة عين شمس. كلية آداب. هناك اتعملت حاجة لطيفة اوي. انا درست العهد القديم، اللي احنا بنسميه التوارة، كتاب اليهود، درسته من وجهة نظر نقدية. يعني مش درسنا مثلا أن بني إسرائيل حاصروا أريحا سنة كذا وشغلوا راحاب الزانية جاسوسة. لا. إنما درسنا أنهم بيقولوا أنهم حاصروا أريحا سنة كذا.. إلخ. بمعنى تاني. مادرسناهوش من وجهة نظر دينية وإنما أدبية. حللنا قصصه. شرحناها، فكرنا فيها ونقدناها. اكتشفت وقتها، ان الكتب المقدسة مش محصنة ضد النقد، فرحت اوي بالاكتشاف دا. وقتها، ما التفتش لطلبة قاعدين في الصفوف الأولى للقسم، كنا بنسميها البنشات لو تفتكروا، طلبة مسيحيين و مسيحيات، دلوقتي بتخطر على بالي اساميهم و اشكالهم، مارسيل، اميرة، ماجد، بيتر، سوزان. دلوقتي بفتكر تكشيرة ما كانت بتمر على وشهم لما كنا بنتكلم عن العهد القديم براحتنا شوية
كنت فرحان بدا، حسيت وقتها، ببراءة، ان عقلي بيتحرر و بيتفتح قدام الشمس والنور. اكيد كان فيه طلبة تانيين، مسلمين، فكروا ان دا دليل اضافي على تحريف التوراة والانجيل، واكيد انه دليل اضافي على حصانة القران من التحريف دا، يعني، صلوا على النبي، دراستهم بقسم اليهود، زي ما كنا بنسميه كنوع من الهزار، أهدتهم دليل مش متوقع -مش جاي من الجامع او من شرايط الميكروباصات وانما من الجامعة، قلب الاكاديمية المصرية- ان الاسلام صح وان المسيحية واليهودية غلط. من وجهة نظر مارسيل واميرة وماجد وبيتر، أكيد المسألة كانت مختلفة، كانت دليل اضافي على ان الوطن بقى بس مكان للدعاية ضدهم، للتاكيد على عدم سواءهم الديني، و بالتالي الاجتماعي والسياسي، هم المشركين الذميين، كالعادة


طالما ان الدولة مبتفرقش بين الاديان، خلونا نصدق دا دقيقة والنبي، ليه مبتعملش اقسام لنقد القرآن، زي بالزبط ما عملت قسم من ضمن مواده نقد العهد القديم. هل لازم الواحد يروح بنفسه لخليل عبد الكريم وسيد القمني ونصر حامد ابو زيد علشان يتعلم ينظر بحياد للكتب المقدسة؟ ليه مفيش مكان مدني ممكن للواحد فيه انه يدرس الانجيل مثلا، من وجهة نظر ايمانية، زي الازهر مثلا؟ ليه ميبقاش فيه امكانية لنقد القران وامكانية اخرى للايمان به، وليه مايبقاش نفس الموضوع بالنسبة للكتاب المقدس. الدعاة بضاعتهم كالاتي: شغل دماغك اوي، اوي، خليك عاقل وناقد ولماح وساخر وعلمي، لما تتكلم عن الاديان التانية، انما لما تيجي تتكلم عن ديانتك انت بس، خلي وشك روحاني وسبل عينيك وانت بتتكلم عن الايمان بالغيب وعن القصص اللي بتتجاوز قدرة العقل على فهمها. الدولة شغالة بمنطق الدعاة، علمانية وغير مبالية ازاء المسيحية واليهودية، مؤمنة ومتدينة ازاء الاسلام. مفتكرش ان العدل شوية ممكن يضر هنا. مش عارف بكتب دا ليه؟ لأنه كان لازم اكتب حاجة علشان بقالي كتير مكتبتش، ويمكن لأن الكلية واحشاني اوي

Saturday, January 13, 2007

الموت كعمل إبداعي


موت أسامة كان مفجع لكل الناس، أو، إذا شئنا الدقة، لأغلب الناس، أو، إذا شئنا الدقة أكتر كمان: لأغلب الناس اللي كانوا بيعرفوا أسامة، وتوخيا لأقصى درجات الدقة، لناس كتير من اللي كانوا يعرفوا أسامة الدناصوري بشكل شخصي. ف نفس الوقت، بيتهيألي إنه ماكانش مفجع له هو شخصيا، احنا بنقول ان الميت بيستريح، تقريبا مافيش شك أن أسامة دلوقتي مستريح، لكن ياترى بنقول ان الميت بيبقى فرحان؟ معرفش. احمد شافعي قايل في تدوينته اللي بيتكلم فيها عنه إن الموت لذيذ، و دا طبعا معناه إن أسامة بيستلذ دلوقتي، بيستمتع، والمتعة غير الراحة طبعا. على مدى الشهور الأخيرة، انشغل أسامة بالتحضير للموت دا، كتب كتابه الضخم "كلبي الهرم.. كلبي الحبيب" اللي كتير لاحظوا انه عبارة عن مرثية له، الكتاب اللي بيوثق فيه لكل تفاصيل المرض وتخيله للموت. الآن تتم إغلاق الأسطورة، الآن يا إخوان يموت أسامة قبل أن يرى كتابه النور بأيام. الآن يكتمل المعنى الدرامي للملحمة التي ستخلد في ذاكرة المثقفين المصريين لأجيال، أسامة كان هو المساعد الرئيسي لعزرائيل على إتمامها



بنفس الشكل تقريبا، تقدم صدام حسين لحبل المشنقة، حاول يملا شكل الإعدام بالرموز، رموز على رموز، يا دين أمي، الراجل وشه مكشوف و هما وشهم متغطي، نحروه زي الخروف بعد صلاة العيد، هتافات شيعية و هو بيبص لهم و يقولهم هي دي الرجولة يا ولاد الوسخة. المرة دي ما كانش صدام المعاون الرئيسي لعزرائيل، كان فيه الحكومة العراقية كمان، كان فيه تواطأ ما على أن المشهد يبقى درامي للغاية، درامي جدا، درامي لأقصى حد، ولا الحلقة الأخيرة من ذئاب الجبل في زمانها.
الموت صعب يا اخوانا، والعظماء، سواء كانوا أشرار أو خيرين، بيحبوا أن موتهم ميبقاش زي أي موت، خلونا نفتكر خالد بن الوليد وهو يا عيني في اخر لحظات حياته وشايف ان موته مبقالهوش أي طعم ولا ينفع كاتب أي معلقة أنه يخلده بأبيات تنعي ذلك الراحل في ساحة الوغى، الراجل كان زعلان إنه يموت على سريره كما يموت الشاه
الميتات العظيمة دلوقتي بقت كلها زي موتة الشاه، ما علينا، لكن العظماء بقوا يحوشوا عظمتهم لحاجة تانية. خلونا نفتكر ان احمد زكي قرر يعمل فيلم عن واحد يشبهه، أو هو شايف انه يشبهه، أوي، و يشبهه بالذات في حتة المرض الطويل والممل، المرض البارد زي الموس التلم، لكن كمان في العظمة اللي هو شاف انها كانت من نصيبهم هما الاتنين. حد شاف "العندليب" بالمناسبة؟ انا مشفتوش لكن عاوز اشوفه


بشكل ما أو بآخر، بيبقى العمل الأخير للعظماء، المنتج الأخير بتاعهم، هو موتهم، هو المسرحية اللي بينشغلوا ف الإعداد ليها و ينسوا كل كتاباتهم و شغلهم التاني

Friday, January 12, 2007

حيث الكتابة مركب


موقع مصري جديد للكتابة العربية
محاولة للتجريب، للعبث، لتحطيم القيود التقليدية للنص
دعوة لكل محبي اللعبة الحلوة ف الكتابة انهم يبعتوا
لكل محبي اللعبة الحلوة في القراءة انهم يقروا

Saturday, December 30, 2006

الطوفان يزور الكمبيوتر



كارثة رهيبة. الهارد ديسك بتاعي ذهب إلى العالم الاخر. فجأة، و بدون سابق إنذار، أجد كل ما اكتبه، كل شغلي، كل حاجة بعملها على الكمبيوتر راحت، كتاب بترجمه من اربع سنين، رواياتي و قصصي، كل الاغاني و الافلام، حاجات عجبتني، صور عندي، كل دا اصبح في خبر كان، كل شوية تتضح لي أبعاد المأساة اكتر، الكتاب اللي بترجمه انا مش حاطه في اي حتة تانية. امبارح اكتشفت المعلومة دي. نفسي مسدودة ومتكدر جدا، التشبيه الوحيد اللي بيخطر لي بقوة هو الطوفان، طوفان يجتاح الكمبيوتر بتاعي و يهلك الحرث و النسل، ساعتها الكمبيوتر بتاعي هيولد من اول وجديد، زي بالزبط الارض مع سيدنا نوح
دايما كان موقع قصة الطوفان بيدهشني. مش معقول ابدا يكون تاني نبي بعد ادم –اذا سلمنا بكون ادم نبيا- هو نوح صاحب الطوفان. مش معقول، قبل موسى و عيسى و محمد، قبل اختراع الابجدية و قبل اللواط و قبل الانترنت و قبل البلوتوث و الافلام السكس، قبل المخدرات و قبل المذابح والقمع، قبل اختراع الشركات العملاقة و احتكار الادوية، مش معقول قبل كدا دا يلاقي ربنا نفسه في حاجة الى انه يخلص البشرية من اشرارها، طيب ليه؟ واحنا لسة بنبدأ قصة العالم و الشر لسة كائن بريء جدا و لسة كتير على ما يبقى شر حقيقي. الطوفان، بما انه حدث عالمي، محتاج كمان تاريخ عالمي علشان يسنده، محتاج لالف سنة بعد الميلاد، محتاج يكون فيه بشر بجد و جرايم بجد. إنما إفناء البشر قبل أن يوجدوا، دا ماكانش مفهوم بالنسبة لي. بالمناسبة. دي اول سنة ليا مع الهارديسك، ومع الكمبيوتر عموما. يمكن بعد عشر سنين اقول نفس الكلام عن الطوفان اللي بتعرض له انا دلوقتي. الفرق اني دلوقتي ببص للحظة دي على انها كل تاريخي. اكيد ان ابناء الطوفان اعتقدوا وقتها انهم شاخوا، ان الارض شاخت، اكيد اعتقدوا انهم في نهاية الزمان الذي يتطاول فيه الرعاة في البنيان
تجربة بتصادفني يا ولاد مع كل لغة جديدة بتعلمها، الانجليزي و الفرنساوي و العبري، اقرا نص باللغة اللي انا لسة بقول فيها يا هادي، نص صعب جدا، مقدرش افهمه، نص يعقدني من اللغة، شوية بشوية، لما تبتدي اللغة تكشف لي نفسها، ابدا افهم فيها تدريجيا، ارجع للنص القديم، اللي قريته ف سنوات جهلي، الاقيه لسة على صعوبته، لسة الغازه ماتحلتش، يعني العيب ف النص مش فيا، اشمعنى النص دا بقراه في اول تعلمي للغة؟ اشمعنى الطوفان حصل مع تاني نبي مباشرة، اشمعنى الهارديسك يضرب و الجهاز لسة عريس جديد؟



Saturday, December 09, 2006

عن الحب والبيوت

أنا عايش ف القاهرة.. و هي ف بلد تانية. بلد تانية بعيدة اوي. برة حدود القاهرة ومصر كلها.. طبعا بنوحش بعض كتير
هي مش قاعدة ف بيتها. بتدرس ف مدينة تانية غير مدينتها.. و بترجع مدينتها كل اسبوع او كل عشر تيام.. بينما انا بشتغل في نفس المدينة اللي انا ساكن فيها اللي هي – للمصادفة الرهيبة – عاصمة البلد اللي انا قاعد فيه. أوكيه؟
هي بتوحشني جدا.. و دا طبيعي.. لان انا بعيد عنها مسافة كيلومترات رهيبة.. لكن بحس بالافتقاد ليها اكتر و هي مسافرة على المدينة اللي هي بتدرس فيها، يعني و هي سايبة المدينة اللي هي عايشة فيها مع اهلها. بحس بقتامة و برودة و هي خلاص هتخرج من بيتها و تروح على جامعتها، قتامة غير مبررة طبعا
انا مسافر بعد ساعات قصيرة على السويس.. مسافر على الجيش، رايح استدعا بعيد عن السامعين، ومن الصبح عمال الف و ادور علشان اظبط الحاجات اللي انا عاوزها هناك. المشكلة الغريبة، ان هي كمان حاسة بنفس القتامة و البرودة وانا مسافر برة القاهرة. كل دا و – خدو بالكو - كل واحد فينا اصلا عايش في بلد مختلفة تماما عن بلد التاني

من غير ما يقصد البني ادم، بيرتبط ببيئة الشخص اللي هو بيحبه.. مش بيرتبط بيه هو بس، لكن ببيته و بيئته و اهله كمان، بحيث ان اي بعد من الشخص عن بيته يخلي البني ادم اللي بيحبه يقلق.. كإن البعد دا كان هو المقصود بيه.. كإنه طعنة نجلاء موجهة لقلبه هو
كلنا لما بنحب بنبقى اشخاص مدجنين، اليفين، و الاهم، بيتوتيين، بنبقي مربوطين بالبيت اوي، على طول اللي بيحب بيربط نفسه ببيت تاني، بعيد، مش بيته هو إنما بيت المحبوب. انا بيتك و انا اهلك، جملة بتتقال كتير مش ف المسلسلات بس لكن على لسان الاحبة كمان
وعلشان التأكيد على المعنى دا، وبرغم ان هيبقى معايا الموبايل هناك، و هي اكيد هيفضل معاها الموبايل، و برغم انه تقريبا مش هيبقى فيه مشكلة رهيبة ف الاتصال بيننا ، بس انا متأكد إني أول ما ارجع لما اخلص الاستدعا هاكلمها ف التليفون. بالتأكيد ان اكتر كلمة هتبقى مفارقة ف الموضوع كله هتقولهالي هي اني نورت. مش هيبقى مفهوم نورت ايه بالزبط، بلدي و لا بلدها؟ و لا هيبقى مفهوم سبب الفرحة اللي ساعتها هنبقى حاسين بيها، طالما ان كل واحد لسة ف بلده و لسة التليفون هو وسيلة الاتصال بيننا، وهي وسيلة كانت بتأدي دورها بكل كفاءة في الايام اللي فاتت

Thursday, December 07, 2006

معارضو الشارع


نفترض ان مثلا، بني ادم، مثقف ووطني، قرر يبقى معارض لانه فجع لما سمع عن أحداث عصابة اولاد الشوارع. وشاف ان لهذا دلالات رهيبة على مصير مصر، مصر، مصر، التلات احرف الساكنة اللي شاحنة ضجيج. طبعا مش لازم انه كان ساعتها بيتفرج ف التليفزيون على صورة النيل جنب النيل هيلتون و فلاحات لطاف وموظف مبتسم ف وش العميل
المعارض ابو ضمير صاحي قرر إنه يبقى ضد الحكومة بقوة، لانها ازاي تسمح بوجود اطفال الشوارع، و ازاي يتم تلويث الشارع المصري لهذه الدرجة المشينة، وطبعا زي ما هو معروف: خوفه الاساسي على الروح المصرية اللي بدأت تنتشر فيها امراض خطيرة ورهيبة، الشذوذ و التشرد و البلطجة والعيال اللي مخبية امواس تحت لسانها. صاحبنا مهتم بالروحانيات زي اي شخص مثقف
هو عاوز يلغي ظاهرة اولاد الشوارع باي طريقة، و اي طريقة ممكن تبقى اي طريقة، يعني زي ما هو عاوز يلغي التسول والنشل و البيع على الارصفة، بطريقة اي طريقة برضه. من المنطلق دا ممكن مثلا يكون عتبان على الحكومة لانها مش بتلم كل الحاجات دي في اوتوبيس و تفجره مثلا. وممكن يكون فكر ان لو فيه عيال بتنط على بعضها ف الشارع يبقى من مصلحة الظباط ان العيال دول يفضلوا عايشين علشان الظباط الغلابة كمان يستمتعوا، وبالتالي من مصلحته هو، كمعارض، ان العيال دول يموتوا، ومن هنا تفتق ذهنه ان اعدام العيال دول او حتى حرقهم هو انسب وسيلة ل، واحد: تطهير المجتمع. اتنين: الانتقام منهم لانهم زرعوا الخوف في نفوس اطفاله الابرياء وهو ماشي معاهم بالليل، اخينا بيحب ولاده طبعا زي اي أب مصري. تلاتة: حرمان الضباط والعساكر اللي يا عيني مش هيلاقوا حد يتسلوا بيه في الزنازين القفر اللي هما فيها. يعني هو اعلى درجات من اي معارض عادي. دا كمان ضد الشرطة، مش الحكومة بس، و بيفكر بشكل عملي، (أي: مش بيكتفي بالتنظير) في انجح الاساليب للانتقام المشترك من الشرطة ومن اللي بيلوثوا وجه مصر الحضاري. و قعد اخيرا يرسم خريطة مصر كبلد يستحق اسمه. برافو. انا شخصيا.. أنا.. آي دو لايك إيت، انا شخصيا بهنيه
احم. بالمناسبة: الفرق الإملائي ما بين محاربة الفقر و محاربة الفقراء مش كبير. دا آء بس. والتحول ما بين الاتنين مش هيوقع اي شخص في غلط لغوي رهيب. المشكلة الوجودية بقى والمزعجة اللي مطيرة النوم من عين صاحبنا شخصيا، ان الفرق اللغوي ما بين العدل والفاشية مش بنفس البساطة، و ان الخلط بينهم هيفتح عليه نيران مصححي اللغة العربية، اللي هما كمان ليهم حاجات بيغيروا عليها ومستعدين يحاربوا علشانها