Friday, March 30, 2007

حقدنا المقدس على المحبوب



استكمالا للبوست السابق: بتبدأ اغنيتنا النهاردة بشكوى تقليدية، تقليدية اوي، من كون أنا - الشخص اللي بغني والشخص اللي بحب والشخص المتفاني والشخص المعذب في شخص واحد، مش عارف انام من كتر وجدي وتعذيبي، شكوى قديمة قدم الشعر العربي. جملة بسيطة: عيون القلب سهرانة مابتنامشي. حلو. الناس لسة وخمانة وحاسة انها بتسمع حاجة بتطربهم، حاجة سمعوا زيها قبل كدا كتير، ولسة مأسورين يمكن بالوش الملائكي للمغنية، البراءة والدعة الرهيبة. فجأة نجاة بتفجر قنبلتها. بتقارن بين نفسها وبين حبيبها في المميزات التي لدى كل منهما في موضوع السهر والارق والنوم: (وانا رمشي ما داق النوم/ وهو عيونه تشبع نوم). ومش بس بتقارن، الغل وصل بيها لدرجة انها تقول روح يا نوم من عين حبيبي. الغيرة من حبيبها عمت قلبها، وهذا افضل جدا
نادرا ما بنلاقي اغنية عربية بيتعلق موضوعها بالحقد، واقصد هنا الحقد الحقيقي، الغيرة السودا من شخص ما، وخلينا نكون مباشرين، الرغبة المخلصة في إيذاء الحبيب، مش علشان بيعذبنا في حبه، انما لانه بيتمتع بمميزات حياتية افضل منا، احنا ممكن نشتمه، اكيد هنغير عليه، لكن نغير منه هو تحديدا، وعلشان هو احسن مننا، نحقد عليه، ونحسده، دا امتياز لنجاة على ما اعتقد. واحد من اجمل امتيازاتها
على طول الاغنية نجاة، ومعاها الابنودي، مابيركزوش. بيفتكروا ان الاغنية عن الحب: (حبيبي آه من حبيبي/ عليه أحلى ابتسامة)، أو عن الشكوى من الارق: (ورحت معاه/ وما اداني الا السهر)، بس بين الحين والاخر بيحضر الموضوع اياه، كإنه مختزن في اللاوعي ومكبوت لصالح تقاليد الاغنية العربية الغرامية. فجأة المقارنة بتحضر بكل قوتها، وبشكل ساخر جدا: (هو يروح ويمشي/ وانا اسهر ما انامشي/ ياللي ما بتسهرشي/ ليلة يا حبيبي.) شفتو الترقيصة دي. دي بتشتغله. بتتكلم عن حبها ليه وبتشتكي من سهرها ف حبه، وفجاة بتناديه بياللي ما بتسهرشي. انت فاكر ياللي مابتسهرشي اني غيرانة منك علشان انا مش عارفة انام، يابن الجزمة ياللي واكلها والعة، كل دا بيطلع بسلاسة رهيبة من واحد من اكتر الوشوش طفولية ونعومة في تاريخ الغنا المصري


على آخر الاغنية، بس قبل الاخر بشوية، نجاة بتاخد حبوب الشجاعة، بتعترف ان الموضوع الرئيسي لاغنيتها ولحياتها كمان هو الحقد دا. سكوت، نجاة بتسكت شوية، المزيكا بتهدا شوية، تقريبا الناس حست ان فيه حاجة هتحصل، حاجة مهمة في مسيرة الاغنية، نجاة بتدي مقدمة تلطيفية قصيرة: (حبيتك يا حبيبي من غير ما اسال سؤال/ وهاسهر يا حبيبي مهما طال المطال) وفجأة. ارتقبوا القنبلة يا اولاد: (انا بس اللي محيرني وماخلانيش انام/ ازاي انا بقدر اسهر وازاي تقدر تنام). دا بس اللي شاغل حياتها كلها، يعني مش حبه اللي مسهرها، هي أكثر شرا من كدا بكتير. اللعبة سريالية، دايرة مقفولة على نفسها: انا بسهر علشان افكر انا ليه بسهر وانت بتنام. مسألة عبثية. الحب ورا خالص، الحب اتفه من انها تفكر فيه، وحبيبها كمان اتفه كتير، كله بييجي في مرتبة تالية بعد حقدها المقدس، حقدها الحبيب، حقدها المدلل، حقدها الملهِم، بكسر الهاء، اللي بيخليها تسهر وتفكر وتغني

Saturday, March 17, 2007

حقنة في وريد أنغام

مرة من ذات المرات، كتب شخص ما، وانا اعتقد انه عصام عبد الله، لشخصة ما، وانا متأكد انها أنغام، على لسانها، كتب على لسانها بيقول: اطلق الصبر ف وريدي. دي كانت لحظة مهمة، لكن كمان كانت تتويج لفصال طويل بينها وبين حبيبها. فصال طويل كانت تفاصيله كالآتي
لو ضروري تفوتني خد مني الحنين/ واختصر بعد السنا خليه يومين/ قبل ما تسافر بعمري/ اسجن الشوق والمنا/ واطلق الصبر ف وريدي


الاغنية كانت ضد الغياب، ضد غياب الحبيب، وبتتقال على لسان الحبيبة، أنغام. لكن فيه سؤال مهم. ليه قالت اطلق الصبر، وماقالتش احقن الصبر. طبعا مينفعش الصبر ينطلق جوا الوريد من غير حقنة. بالاضافة ان البنت مدردحة ومش عاوزة تشبيهات رومانسية كتير، هي بتفاصل زي اي ست، وبتفاصل بشكل سادي، السنة هتبقى يومين، يومين بس، ودا اصلا لو كان ضروري تسافر، ولازم اجراءات السفر تتم، حضرتك هتاخد الحنين مني، تاخدهم مع الباسبور والتيكيت، وانت بتتأكد ان محبس الميا والكهربا مقفولين هتتأكد كمان انك قفلت على الشوق والمنا، مضايقاك الاجراءات؟ ما انت مسافر بعمري يا حياة عمري. حد قالك بم يا روح امك؟ وكمان هتطلق الصبر ف وريدي. هنا المسائل بتقف. تطلق مالهاش محل، الراجل بيعمل اجراءات، ومفيش ف الاجراءات حاجة اسمها يطلق. الاغنية هنا بتتكعبل


فكرتي كالآتي: السيد عصام وهو بيكتب كان محتار. هو عاوز يعمل إفيه، مقابلة ما بين
اسجن الشوق والمنا، وما بين اطلق الصبر في وريدي. ومحتار، هو فعلا حاسس انها لازم تكون احقن، لكن احقن، برغم انها اقرب له واقرب لكل اللي هيسمع الاغنية، لكن، برغم احترامه الكامل لوجهة نظر اي حد مش محترف اغاني، احقن مش إفيه، هي هتمشي مع جو الاغنية، ومع جوه، ومع جو انغام، ومع جوي، لكن فين اللعب بالكلام، فين التضاد الذي يوضح المعنى ويبينه؟ خلو بالكو ان اي مؤلف اغاني مش شرط يبقى عبقري، بس لازم يبقي محترف بشكل عبقري. لحد هنا والحيرة تمسك بزمام الراجل فلا تدع له افلاتا ولا إطلاقا ولا إحقانا


في عز الحيرة فجأة بتظهر المعلومة الذهبية، بتظهر من عمق ذاكرة عصام عبد الله: مفيش حاجة ف العربي اسمها احقن الصبر ف وريدي، فيه حاجة اسمها احقن وريدي بالصبر. بس، هو دا العربي اللي احنا اتعلمناه، يعني الحقنة مش بس هتهد الافيه لكن كمان هتهد بنا الاغنية كلها. بمعنى آخر: مفيش حد هيحاسب المؤلف على اجرامه بحق اغنيته لما اختار "اطلق". اهي الكتب قدامكو. حاسبو اللغة العربية متحاسبونيش انا

اضطر عصام يأجل عبقريته خطوة، أو يخبيها، او يحطها ف مكان تاني. يمكن مثلا على لسان منير وهو بيقول: انا ممكن اجريلك دمي، انا حاسس دمي هيتصفى. نفس المجاز الدموي. هنا بالزبط، الرد المؤجل على حقنة الصبر اللي خاف يستعملها

Thursday, March 15, 2007

شكرا درويش. شكرا حبيبي

هذا وقد صرح شاعر فلسطين الكبير محمود درويش بأن أحداث العنف الأخيرة في غزة بين حركتي فتح وحماس هي اعتداء على معنى فلسطين وماهية الروح الفلسطينية، ومن جهتنا نحن فقد احتسبنا عند الله عز وجل معنى فلسطين، ومعه الروح الفلسطينية، الذين وقعا ضحية الاعتداء الأثيم لفتح وحماس على بعضهما البعض، في نفس الوقت أو بالتزامن أو في الأعقاب بثوان معدودة

كما طرح درويش، على الضمير العالمي والعربي والمحلي والشرق الأوسطي والبحر متوسطي، مشكلة لوجستية خطيرة، إذ قال إن ما حدث في غزة جرحه كثيراً وأنه مرتبك، وتساءل عن التسمية الأجدر بقتلى الجانبي، جانب فتح وجانب حماس، قائلا: هل نسميهم شهداء أم ضحايا؟

وفي محاولة للاستجابة إلى سؤاله صرح مصدر مسئول بأنه يثمن غاليا اهتمام درويش اللغوي بالمسألة. وأن هذا الاهتمام اللغوي إنما هو متسق مع أجزاء مهمة وحاسمة في مسيرة الشاعر الكبير حول فيها فلسطين إلى معنى كبير بدلا من أن يهتم، كما يفعل السياسيون الحمقى، بالبشر المبتذلين. شكر المصدر المسئول درويش وأضاف أن الأخير كان يلمح إلى أن حل الصراع الدائر إنما يكمن على صفحات مختار الصحاح، وليس في أروقة الأمم المتحدة ولا مكاتب السلطتين، الفتحاوية والحمساوية. وأضاف المصدر: "هذه قراءة جديدة للصراع، شكرا درويش. شكرا حبيبي". وقد لاقت هذه اللفتة العاطفية الأخيرة اهتمام المصورين إذ رافقتها دمعة متحجرة في أعين المصدر المسئول، ونحن بدورنا نشكر مصدرنا على مثل هذه اللفتات الطيبة التي تضفي معان إنسانية رفيعة على الحوار


هذا وطالب درويش في نفس التصريحات بضرورة "عدم التأريخ لهذه المرحلة التي يجب أن ننساها.. وألا نؤرخ لها لأنها نقطة عار في تاريخ فلسطين والحياة الفلسطينية

هنا لم يستطع المصدر الكبير، إلا أن يتهدج صوته وهو يضيف أن درويش عنى دوما بالحفاظ على، وتسجيل، والتأريخ ل، واسترجاع اللحظات المجيدة في حياة الشعب الفلسطيني، لأنها هي معنى فلسطين، وأن عنايته هذه يتم التعبير عنها باستبعاد اللحظات غير المجيدة، لأنها اعتداء على معنى فلسطين، وقال أن معنى فلسطين، كما يبينه كلام درويش، هو مواجهة إسرائيل. حيث الفلسطينيون لا يأكلون ولا يشربون ولا يتقاتلون مع بعضهم البعض، وإنما يقاومون إسرائيل فقط، وحسب، وليس إلا. وأن هذا هو المعنى الوحيد لفلسطين، وأنه لو ظهر معنى آخر، أي معنى، لوجب استبعاده وعدم التأريخ له. وأضاف المصدر وهو ينهي تصريحه الصحفي مبتسما أمام كاميرات التصوير أن الشعراء دائما هم من يعبرون عن معنى أمتهم

Monday, March 05, 2007

المدونة كعلاقة جنسية

في يوم من الايام. كنت انقطعت كتير عن التدوين وبعدين رجعت له تاني فجاة، اخويا احمد شعبان بعت لي انه سعيد بعودة مدونتي اللي هو مش عارف انا بعاملها كدا ليه زي اللقيطة لغاية مابقت خرابة. خرابة وطفل لقيط. وانا بعد كدا بواصل علاقتي بالمدونة، بقطعها وبواصلها، بقطعها وبواصلها، كان الكلمتين دول اكتر حاجات لزقت ف دماغي ، خرابة وطفل لقيط، وبما ان المدونة هي ارض اللقاء الجنسي "الخرابة" وثمرته في نفس الوقت "الطفل اللقيط"، وبما ان كان واضح من كلامه ان الطرف التاني في اللقاء الجنسي دا لازم تكون شرموطة مش صديقة، "خلوا بالكو ان اللقاء الجنسي اللي اقترحه احمد شعبان ماكانش مصدر للمتعة وانما مصدر للاهانة، يعني مصدر اني اطلع دين ام مدونتي علشان هي بنت حرام، او بنت ذكرى مش عاوز اتذكرها، او على طول بتدنس الدم النبيل الملكي الذي لي بتذكيري بالجارية السوداء اللي فرشتها في الخرابة زمان"، بما ان كل دا حاصل، فاذن هلموا يا رجال، مبرر لي اذن اني اطلع دين امها، واضحك عليها ف فلوسها واضربها واهددها اني اجيب لها البوليس، وانا لابس الروب ديشامبر على اللحم وبدخن سيجار ونص كلامي بالفرنساوي. فلة يا احمدقريب جدا، واحدة صحفية اتصلت بي وقالت لي طيب وايه رايك في استغلال الكاتب مدونته للدعاية لاعماله. قلت لها اني مش مع دا. سبلت عيوني وانا بفلسف لها فكرة المدونة. المدونة هي القناع اللي الواحد بيستخبى من وراه. متنسيش نشطاء كفاية اللي قدروا يستخبوا ورا اسامي مدوناتهم علشان محدش يعرفهم. كانت اروبة. قالت لي طيب ماانت مخلي اسمك هو اسم المدونة. قعدت اضحك زي الاهبل وقلت لها في الاخر اني طبعا مش ملاك واني بعمل الغلط اللي انا مش حابه. طبعا افتكرت ناس كتير. طارق إمام، باسم شرف، محمد صلاح العزب، احمد العايدي وغيرهم، بنتعامل مع المدونات اكنها مواقع شخصية. مش بس كدا، لا دا كمان بنعامل مدوناتنا كهوانمنا، كمداماتنا، مراتاتنا، او حتى بناتنا، اللي بنديها اسامينا، طبعا خدتو بالكو. الهانم المدونة عكس خالص صباح الجارية المدونة اللي فرشناها في اول التدوينة دي. واذا كنا في مجتمع كامل، بيعامل مدوناته كاطفال لقيطين، ماعدا كام اسم انا قلتهم دلوقتي، يبقى الكام اسم دول، اللي مديين اساميهم لمدوناتهم، هما طبقة الكريمة اللي فوق وش المجتمع، هما الارستقراطية البائدة في وسط مجتمع كله بيزبط في اي خرابة قريبة، وزي اي ارستقراطية بائدة، اكيد شكلنا هيبقى مضحك جدا واحنا بنشوف اي بتاعة فجل فنبوس ضهر ايدها ونقول لها انشانتيه يا هانم، لكن كمان دا ليه مميزاته، اكيد محبي التحف هيحبونا اوي، واكيد ان نرجسيتنا وحبنا لذاتنا، هتقدر تدافع عنا ضد هذا المجتمع المتعفن المتوسخ المتفسخ المتفشخ يا زمان المسخ بعمارة يعقوبيان، مش بالاندلس، تيك كير