مرة من ذات المرات، كتب شخص ما، وانا اعتقد انه عصام عبد الله، لشخصة ما، وانا متأكد انها أنغام، على لسانها، كتب على لسانها بيقول: اطلق الصبر ف وريدي. دي كانت لحظة مهمة، لكن كمان كانت تتويج لفصال طويل بينها وبين حبيبها. فصال طويل كانت تفاصيله كالآتي
لو ضروري تفوتني خد مني الحنين/ واختصر بعد السنا خليه يومين/ قبل ما تسافر بعمري/ اسجن الشوق والمنا/ واطلق الصبر ف وريدي
الاغنية كانت ضد الغياب، ضد غياب الحبيب، وبتتقال على لسان الحبيبة، أنغام. لكن فيه سؤال مهم. ليه قالت اطلق الصبر، وماقالتش احقن الصبر. طبعا مينفعش الصبر ينطلق جوا الوريد من غير حقنة. بالاضافة ان البنت مدردحة ومش عاوزة تشبيهات رومانسية كتير، هي بتفاصل زي اي ست، وبتفاصل بشكل سادي، السنة هتبقى يومين، يومين بس، ودا اصلا لو كان ضروري تسافر، ولازم اجراءات السفر تتم، حضرتك هتاخد الحنين مني، تاخدهم مع الباسبور والتيكيت، وانت بتتأكد ان محبس الميا والكهربا مقفولين هتتأكد كمان انك قفلت على الشوق والمنا، مضايقاك الاجراءات؟ ما انت مسافر بعمري يا حياة عمري. حد قالك بم يا روح امك؟ وكمان هتطلق الصبر ف وريدي. هنا المسائل بتقف. تطلق مالهاش محل، الراجل بيعمل اجراءات، ومفيش ف الاجراءات حاجة اسمها يطلق. الاغنية هنا بتتكعبل
فكرتي كالآتي: السيد عصام وهو بيكتب كان محتار. هو عاوز يعمل إفيه، مقابلة ما بين اسجن الشوق والمنا، وما بين اطلق الصبر في وريدي. ومحتار، هو فعلا حاسس انها لازم تكون احقن، لكن احقن، برغم انها اقرب له واقرب لكل اللي هيسمع الاغنية، لكن، برغم احترامه الكامل لوجهة نظر اي حد مش محترف اغاني، احقن مش إفيه، هي هتمشي مع جو الاغنية، ومع جوه، ومع جو انغام، ومع جوي، لكن فين اللعب بالكلام، فين التضاد الذي يوضح المعنى ويبينه؟ خلو بالكو ان اي مؤلف اغاني مش شرط يبقى عبقري، بس لازم يبقي محترف بشكل عبقري. لحد هنا والحيرة تمسك بزمام الراجل فلا تدع له افلاتا ولا إطلاقا ولا إحقانا
في عز الحيرة فجأة بتظهر المعلومة الذهبية، بتظهر من عمق ذاكرة عصام عبد الله: مفيش حاجة ف العربي اسمها احقن الصبر ف وريدي، فيه حاجة اسمها احقن وريدي بالصبر. بس، هو دا العربي اللي احنا اتعلمناه، يعني الحقنة مش بس هتهد الافيه لكن كمان هتهد بنا الاغنية كلها. بمعنى آخر: مفيش حد هيحاسب المؤلف على اجرامه بحق اغنيته لما اختار "اطلق". اهي الكتب قدامكو. حاسبو اللغة العربية متحاسبونيش انا
اضطر عصام يأجل عبقريته خطوة، أو يخبيها، او يحطها ف مكان تاني. يمكن مثلا على لسان منير وهو بيقول: انا ممكن اجريلك دمي، انا حاسس دمي هيتصفى. نفس المجاز الدموي. هنا بالزبط، الرد المؤجل على حقنة الصبر اللي خاف يستعملها