Friday, August 29, 2008

زعلان ليه مني يا زميلي؟


انا عاوز اتكلم معاكو النهاردة عن ظاهرة بتدمر حياتنا دلوقتي. انتو أكيد ملاحظين كم التوتر اللي بقى يحيط كل مظاهر حياتنا، ملاحظين مظاهر التنشنة في الشارع وف الشغل وف البيت, مين دلوقتي يقدر يقعد زي زمان يستمتع بأغنية حلوة. لوحة فنية جميلة. كتاب فيه معلومات مفيدة؟ ماحدش. ودا بسبب موضوع حلقتنا النهاردة. الزعل.

فيه مشاهدة بعتت لي من اسبوع تحكيلي عن مشكلتها. قالت انها اتخانقت مع جوزها علشان هو بيطفي السجاير على الأرض برغم أنها اشترت له طفاية ف كل أودة ف الشقة. الحقيقة سائر الأحداث كان مؤسف جدا. بسبب دا حصل بينهم، أنا أسف، ديفورس، والولدين اتحكم عليهم أن كل واحد يعيش ف بيت. في الحقيقة ماتتصوروش الموضوع دا أثر فيا قد إيه. كنت بسوق العربية وانا بفكر ف الموضوع دا.. والحقيقة كنت بفتكر مشكلة حصلت في حياتي أنا من كام شهر، لما اضطريت اطلق مراتي اللي انا بحبها علشان خناقة تافهة، من وقتها، ولغاية دلوقتي، وانا ندمان جدا.

***

الحقيقة إن احنا مبقاش يعدي يوم من غير ما نسمع عن منتج زعلان مع مغني، وبلد زعلانة مع بلد تانية، وأديب شاب زعلان مع أديب شاب تاني، ملاحظين؟ هه؟ انا كررت كلمة زعل في جملة واحد قد ايه؟ مالاحظتوش. طب ياللا نعيد تاني، وعدّوا معايا. أديب شاب زعلان مع أديب شاب تاني، ومنتج زعلان مع مغني، وبلد زعلانة مع بلد تانية. يعني تلات مرات قلنا كلمة زعل ف جملة واحدة. دا بيدل على إيه في رأيكو؟ على إن الزعل هو محور حياتنا دلوقتي.

انا عاوز أتكلم معاكو عن بعض النظريات اللي طلعها علماء غربيين بخصوص الزعل، العالم هنري ماكس مثلا بيتكلم ان الزعل بيزود إفرازات الغدد اللمفاوية وهي بتنقل نشاطها الى خلايا الشعر وبتضعفها مما يصيب بالصلع، اما العالم جورج ميشيل فبيأكد إن الزعل بيضعف القدرة الإنجابية للرجل، وبيختتم كتابه "عالم بلا زعل" بجملة مؤثرة جدا بيقول فيها: إن عالما من الزعلانين لن يقدر له الاستمرار حيث سوف تضعف قدراته الإنجابية إلى درجة العقم الكامل. طبعا فيه مؤتمر كبير حضره العالمين دول وواجههم شخص باكستاني مسلم بالآية القرآنية اللي بتقول: "ولا تهنوا ولا تحزنوا" مما يدل على إن العرب من ألف وربعمية سنة وهما عارفين إن الزعل مش كويس علشان البني ادم، العالمين الغربيين دول أعلنوا إسلامهم طبعا بمجرد ما سمعوا الآية القرآنية الكريمة. نسيت أقول إن العالم جلاوديوس فايبر طلع بنتيجة علمية مهمة بيؤكد فيها إن مش لازم البني آدم يزعل لأن مفيش حاجة ف الدنيا تستاهل.

***

طبعا فيه تفسيرات كتير للموضوع دا. يعني مثلا جلاوديوس بيقول إن الضغوط بتاعة الحياة اليومية هي اللي مخلية محدش طايق نفسه. أما إنريك روجر فبيقول إن الناس قلوبها مابقتش صافية لبعض زي الأول. هاهاها. طب إيه رأيكوا، وانا بركن عربيتي ديك النهار قام السايس قال لي كلمة جميلة اوي. تحبوا تسمعوها؟ قال لي: الشيطان دخل بين الناس خلاص ومش عاوز يطلع. انا قعدت افكر كتير إيه ياترى معنى الجملة دي. إيه معنى إن الشيطان دخل بين الناس. اقول لكو. يعني إنت دلوقتي زعلان مع مراتك. ومراتك زعلانة مع أختها، وهكذا، لغاية ما يوصل الموضوع لرئيس دولة يزعل مع رئيس دولة تاني، وتحصل الحروب. شفتوا الموضوع بسيط ازاي. وشفتوا ان معظم النار من مستصغر الشرار. أنا قعدت افكر إن ازاي الراجل البسيط دا، اللي هو السايس، قدر يوصل للحكمة العميقة دي؟ ودا راجل لا معاه دكتوراه من السوربون ولا معاه جايزة نوبل ولا حاجة. منين قدر يعرف إن الشيطان فعلا دخل بين الناس ومش عاوز يطلع؟ سبحان الله فعلا.

في نهاية الحلقة، أنا بقترح حملة كبيرة. يعني طبعا كل واحد يقدر يشارك فيها باللي يقدر عليه. مش عاوزين نجبر أي حد على حاجة مش عاوزها. وبقترح عنوان للحملة يكون مثلا: (إنت زعلان ليه مني يا زميلي "محاولة لرأب الصدع"). ياريت تبعتولنا اقتراحاتكوا على إيميل البرنامج

Friday, August 22, 2008

رضا يعود إلى حضن مصر

رضا عاد من شغله تعبانا يوم التلات، ولكن برغم إنه تعبان إلا أنه قرر ينزل وسط البلد علشان يشتري بنطلون. رضا يحب البنطلونات جدا. وهو يشتري البنطلونات أكثر مما يشتري القمصان، ولأن البنطلونات تدوب من عند الفخد والقمصان لا تدوب من عند الفخد، فشراء البنطلونات أبدى من شراء القمصان، هكذا يرى رضا، ولكن رضا لا يعرف أن القمصان تدوب من عند الكوع والبنطلونات لا تدوب من عند الكوع، كما أنها قليلة هي القمصان الدايبة من عند الكوع لأنها قليلة هي القمصان التي بكم طويل، ونحن الآن في الصيف، ومازال بدري على الشتا، ولهذين السببين، يحب رضا شراء البنطلونات أكثر.

المهم أن رضا طلع من محطة مترو السادات علشان يروح شارع طلعت حرب. ولكن في محطة المترو وهو طالع قالوا له إن البلد بتولع، ورضا لم يفهم. ولكنه طلع ووجد الناس كلهم يتفرجوا على شارع القصر العيني وبيصوروا، ولذا قرر رضا أن يقترب منهم ويصور هو كمان، ولإن معه عدة سامسونج جديدة بكاميرا فلقد قرر أن يستغلها. ووقف بعيد وأخذ يصور الدخان الطالع. وكان مبسوط جدا لأن المزيد من اللهب في الصورة سيجعلها أظرف. ووجد رضا امرأة تسير بجانبه وتقول حرامية بيولعوا في حرامية و لم يفهم رضا من هم الحرامية الاولانيين ولا من هم التانيين. ولكنه سأل نفسه طبعا وهو متضايق ماذا حدث للمصريين. ثم مر رجل عجوز بجواره وضحك حتى بانت سنانه الواقعة وقال كانت ناقصة بس المعلم الكبير يكون جواها وبرضه لم يفهم رضا من هو المعلم الكبير، ولكنه شعر أن في الأمر شيئا خطيرا، لأن معنى أن تكون هناك حريقة جامدة بهذا الشكل والناس غير مهتمة بهذا الشكل الجامد (عدم الاهتمام هو الذي له شكل جامد، وليس الاهتمام)، فهذا يعني أن هناك أزمة في الشخصية المصرية، ورضا لم يكن يفهم هذا الكلام الكبير من قبل ذلك وكان يتريق على من يقولونه في التليفزيون، ولكنه الآن شعر بأن الشرخ أصبح أوسع من أن يتم رتقه (ولقد استعمل رضا في أفكاره كلمة "رتقه"). كما أن الشخصية المصرية لم تعد تغسل سنانها. وكان رضا زعلانا من منظر سنان الرجل الواقعة. المهم أن رضا أخد الموبايل بتاعه وحطه في جيب البنطلون، ولقد اكتشف أن هناك خرما في جيب البنطلون فوضعه في جيب البنطلون التاني. طبعا تذكر رضا أنه عليه أن يشتري بنطلونا جديدا ولكن لم يعد لهذا أي معنى من الآن فصاعدا. سار رضا في شارع طلعت حرب ففوجئ بأطفال الشوارع يسيرون بجوار رجال الأعمال، والشيوخ الملتحين بجوار محلات اللانجيري، فاتضايق رضا زيادة، وأصبح يفكر ف الوطن أكتر.

رضا عاد من شارع طلعت حرب إلى بيته بعزبة النخل ولم يشتر البنطلون، وكمان لم يلمع الجزمة، لأن مزاجه كان متعكر جدا. وأول شيء فعله عندما جلس على الكمبيوتر هو أنه مسح الستاتوس بتاع امبارح وكان "اشتري بنطلون لونه إيه يا بشر؟" وعمل جروب على الفيسبوك سماه "ما تفوقوا بقى يا مصريين.. جرالكو إيه؟" وهكذا نام رضا يوم الثلاثاء 19/8/08 وهو حاسس إنه قدر أخيرا يعمل حاجة في البلد.

Friday, August 15, 2008

عن تناطحات السلطة: سلطة الشاعر، سلطة الأسطورة، وسلطة "السلطة" الفلسطينية


كانت أم محمود درويش تتمنى أن يدفن ابنها في قرية "جديدة"، وهي قريته التي سكن بها منذ طفولته. قالت: "كنت أريد أن يدفن ابني في جديدة، ولكنه منذ زمن طويل لم يعد ابني، إنه ابن العالم العربي كله."

الصراع الملفت حول جثة درويش انتهى بانتصار السلطة. دار الصراع بين عائلة درويش التي ترغب في دفنه بقريته "جديدة"، وبين السلطة الفلسطينية التي تسعى لدفنه في رام الله. أرادت السلطة الفلسطينية احتكار الابن الطيب لها، قمعت الرغبة العائلية البسيطة بأن يدفن ابنها إلى جانبها. هكذا تم تمزيق ما بين درويش وبين أهله بقوة، لأنه من واجبات السلطة أن تحوز لنفسها النياشين، ودرويش هو النيشان الأكبر. ما جاء ليفعله هذا المقال، هو تأمل هذا الصراع، ومقارنته بحدث آخر، تم منذ أكثر من عام، وهو زيارة درويش لحيفا، ومن هذه المقارنة نعرف كيف تخلق القصة الصحفية، وكيف تخلق السلطة أسطورتها، وتسكت الأساطير الأخرى، وتلغي حتى احتمالات تكونها.

***

في البداية، ومع تواتر الأخبار عن زيارة مرتقبة يقوم بها محمود درويش إلى حيفا بعد مايقرب من أربعين عاما من مغادرتها، بدا الجميع مرتبكا، لم يصدق أحد. بالتدريج، وخلال ساعات، بدأوا في التصديق، وفي ملاحظة أن "القصة"، بمعناها الصحافي، على وشك أن تتحقق الآن. أشارت وقتها جميع المانشيتات الصحفية إلى "العودة"، وأي عودة سوى العودة الى حيفا. الزيارة بشرت بها عناوين صحفية كثيرة وذكية: "محمود درويش عائد إلى حيفا"، "أحمد العربي يصعد كي يرى حيفا ويقفز"، و"محمود درويش على "مشارف" "الكرمل".

كل شيء كان حاضرا في هذه العناوين الثلاثة: غسان كنفاني، وهو الفلسطيني ببيروت، عبر عمله الروائي "عائد إلى حيفا"، سهام داود والتي نظمت الامسية، هي الفلسطينية بإسرائيل، عبر عملها الصحافي، بدورية "مشارف"، ودرويش يحضر عبره هو ذاته، الفلسطيني برام الله وعمّان، وعبر عمله الشعري، "أحمد الزعتر"، والصحافي، "دورية الكرمل". هكذا، تجتمع المنافي، تعود إلى فلسطين الأصلية، التاريخية، فلسطين التي أصبح اسمها إسرائيل، فلسطين 48. هكذا يمكننا ان نفهم "عودة" وليس "زيارة" محمود درويش لحيفا، الفلسطينيون يجتمعون برمز فلسطين، بالشخص الذي خلق فلسطين الأدبية أكثر من أي شخص آخر، الشتات الفلسطيني يلتم ببعضه.

***

ألفا شخص حضروا الامسية وقتها. أية أمسية أدبية في إسرائيل يمكنها أن تجمع ألفين شخصا؟ ولا واحدة. كان هذا مثيرا لغيرة إسرائيليين كثيرين، كما تشهد بذلك تعليقاتهم على تغطيات الأمسية في الصحف العبرية. قال أحدهم أنه أحس كما لو كان في أم الفحم وليس في حيفا. لساعتين تحولت حيفا إلى مدينة فلسطينية، مثلها مثل أم الفحم. بمعنى آخر أدق، ليس فقط أن درويش عاد إلى فلسطينه، وإنما "عادت" حيفا أيضا إلى فلسطينيتها، ليست فقط لأنها تحولت إلى مدينة تشبه أم الفحم، ولكن أيضا باحتشادها لرؤية خالق فلسطين الأدبية.

يصعب العثور على شخص كتب فلسطين، وارتبطت صورتها بصورته، كما فعل درويش، ربما بخلاف عرفات شخصيا. مع النكبة، فر الطفل محمود من قريته الجليلية مع الفارين، كما تسلل إليها عائدا مع المتسللين، رفض الجنسية الإسرائيلية عند سن معين، غادر فلسطين 48، ثم انصهر في مصهر الشتات الفلسطيني، بيروت، مع المنصهرين. بالتزامن مع كل هذا، كانت الأرض تنمو في قصيدته، مثلما ينمو في قصيدته المخيم الذي حل بديلا مؤقتا عن الوطن، ومثلما ينمو الفلسطيني، اللاجئ المولود في نفس المخيم. خلق درويش فلسطين حديثة تشبه تلك التوراتية، سفرجل وزعتر وسنونو، حبقا وزنزلخت، ولكن أيضا، بندقية وبركانا وهوية. الهوية كانت هي كلمة السر في عدد من قصائده الأكثر انتشارا. في النهاية لم تكن صورة وهوية فلسطين لتتكون بالشكل الذي هي عليه الآن من دونه، في هذا الأمر يبدو إنجازه أكبر بما لا يقارن حتى من إنجاز إدوار سعيد نفسه.

يدرك هذا وقتها عباس بيضون، يدرك التماهي بين درويش وفلسطين الى حد صار يمكن بمقتضاه اختزال أحدهما في الآخر، يكتب في السفير اللبنانية قائلا عن زيارة درويش لحيفا بعد 37 عاما من مغادرته لها: "إذ حينما تكون وطنية محمود درويش على المحك فإن الأمر مهول وخطر، فأن تكون وطنية شاعر الهوية الفلسطينية ورمزها الأدبي متهمة فهذا يعني أن الثقافة الفلسطينية التي احتل درويش هذا المقام فيها متهمة وموصومة أيضاً."

***

لم تنطلق كلمة بيضون من الفراغ، كانت إسهاما في سجال جوهري حول توصيف زيارة درويش، هل هي "زيارة" أم "عودة"، هل هي "عودة" أم شيئا يشبه ما يسمى أحيانا ب"التطبيع". بدا بيار أبي صعب وقتها، في الأخبار اللبنانية، وهو يطلب من محمود درويش ألا يزور حيفا مستشهادا بمقاطعة الفريق الإنجليزي "الرولينج ستون" لإسرائيل، بدا وكأنه يضرب في العمق. في الواقع كان أبي صعب مبلبلا، رمز فلسطين يتمرد على أول المحرمات بخصوصها، مقاطعة إسرائيل. أما الفلسطينية عدنية شبلي فلها إطار آخر تضع فيه الزيارة. ترد على أبي صعب في نفس المكان: "فجأة إذاً كي يصبح محمود درويش الفلسطيني مؤازراً لفلسطين، عليه أن يتحول إلى إنكليزي ذي ضمير سياسي، عليه أن يتعامل مع فلسطين المحتلة في عام 1948، بلده، على أنها إسرائيل، عليه أن يعتبر فلسطينيي الداخل على أنهم إسرائيليون، أن يعلن أن حيفا هي أرض العدو!"

محمود درويش غير الرولينج ستون. الرولينج ستون قد "يزورون" حيفا بينما درويش "يعود" إلى حيفا، الرولينج ستون عندما يزورون فلسطين فإن فلسطين تصبح هي إسرائيل، أما لدى درويش، الفلسطيني بألف لام التعريف، فأن الأمر يصبح مختلفا، يصبح التحام الفلسطيني بأرضه. ثمان وأربعون ساعة فقط كان يمكن لها أن تحشد كل العواطف حولها، تصبح الزيارة عودة، أو شبهة عودة. هكذا يضطر درويش للقول في حوار مع هآرتس قبيل سفره: "لا أريد إخافة القراء. فأنا لا أنوي تحقيق حق العودة". كما يضطر للحديث مطولا قبل السفر عن مفهوم العودة مع صحيفة الاتحاد الحيفاوية. ينفى المفهوم، من الناحية الفلسفية، مستشهدا بعوليس وإيثاكا. وللمفارقة فقط، كان درويش قد عمل بصحيفة الاتحاد قبل مغادرته فلسطين 48، والآن "تعود" هي إليه لتحاوره شاعرا كبيرا وتطلب منه استحضار فترة عمله هناك مع إميل حبيبي، أي الرجوع بشكل ما إلى ماضيه. العودة كانت هي العنوان الذي لا مفر منه للحدث.

السؤال الأساسي هنا الآن: لماذا لم يتم إذن طرح مفهوم "العودة"، كعنوان لرغبة عائلة درويش بأن يدفن ابنها بجانبها؟ لماذا تم تغييب المفهوم وإلغاء احتمال تشكل الأسطورة و"القصة الصحفية"؟ ولماذا وصفت رغبة العائلة في حدودها الدنيا: رغبة عائلية فقط وليست رمزية، اشتياق إلى جسد الابن وليس التحاما، تأجل طويلا، بين الشاعر وأرضه؟ على عكس ما حدث في قصة "العودة إلى حيفا"؟ الإجابة: لأن السلطة كانت هي الخصم هذه المرة، والسلطة هي في رام الله، وليست في "جديدة". والسلطة هي ما كانت تعني هذه المرة "فلسطين".

***


كان التئام الجرح في حيفا وقتها مؤلما تماما، تم عبر الجيش الإسرائيلي. منع الجيش درويش من البقاء في حيفا لأكثر من يومين، بينما كانت سهام داود قد أعلنت عن أن درويش لو بقى أسبوعا كما طلبت كان ليتمكن من زيارة أمه التي تبلغ تسعين عاما والمقيمة في قرية "جديدة". لا يصرح الجيش، ولكن درويش يتمكن من زيارة أمه في الثماني وأربعين ساعة التي قضاها ببلده. هكذا، تتطور القصة الخاصة بالجرح الفلسطيني: تم تقصير فترة إقامة درويش بشكل عمدي، عسكري، لمنع الشاعر القومي، شاعر فلسطين، من الالتقاء بأهله وبأرضه بالمعنى الفعلي والمجازي للكلمة. ولكن برغم المنع الإسرائيلي، فقد أمكن للفلسطيني الالتئام بأرضه وبأمه. تشتعل كل العواطف حول الأمسية، لتصبح رمزا لإغلاق الدائرة التي طال فتحها طويلا، والتعبير لمحمود درويش، الذي يقول في حواره لهاآرتس ردا على السؤال عن سبب مغادرته بلدته منذ 37 عاما: "حتى أعود بعد 37 عاما. هذا يعني أنني لم أنزل من الكرمل في 70 ولم أعد في 2007. كل شيء هو مجاز. أنا الآن في رام الله وفي الأسبوع القادم سأكون في الكرمل وأتذكر أنني لم أكن هناك لأربعين عاما، فهذا يعني أن الدائرة أغلقت وكل السفر الذي طال سنوات كان مجازا."

***

العودة مفهوم مستحيل بلا شك. لا أحد يعود وإنما الجميع يسيرون في طرق جديدة، بلا أمل في الالتفات الحقيقي إلى الخلف، ومن استحالته تنبع رومانتيكيته، هو الحلم الذي يطمح الجميع لتحقيقه ولا يستطيعون، كما أنهم في نفس الوقت لا يستطيعون التخلي عنه نهائيا. من هنا حضر عرب إسرائيل، هم ذوو الجنسية الإسرائيلية، الأمسية، بهدف العودة لفلسطينيتهم، ومن ذا قادر على منحهم إياها سوى درويش، وبهدف رؤية درويش عائدا إلى فلسطينه، فلسطينه التي لم يجد المحامي خالد محاميد، وهو أحد حضور أمسية درويش، تعبيرا عنها أكثر احتشادا من بعض أوراق الليمون جمعها من بيت الشاعر الكبير بقرية البروة التي ولد بها. ينتظر محاميد انتهاء درويش من أمسيته ليمنحها له، متخيلا بالتأكيد لحظات عاطفية جياشة، دموعا وعناقا حارا بين الشاعر وتراب أرضه، بين تراب الأرض وشاعره. ولأن لا أحد يعود فعلا، فلم يأخذها درويش. درويش كان يحاول اختزال البعد الدرامي إلى أقصى حد. يغادر القاعة مسرعا غير سامح للصحفيين بطرح أية أسئلة عليه، ومقللا بشكل متعمد من إمكانيات كتابة "قصة" صحفية عن هذه الزيارة. وعلى الرغم من هذا تمت وقتها كتابة القصة.

العكس من هذا تماما يحدث الآن. درويش نفسه، قبل موته بأسبوعين، يعود إلى قريته، يقبل أمه ويخبرها بقرار خضوعه للعملية بأمريكا. كأنه يريد كتابة قصة "عودته"، التحامه بأرضه المتزامن مع الموت، وعلى الرغم من هذا، تقرر السلطة استبعاد عائلته، فصله عن أرضه الأولى، واحتكار جثمانه لنفسها. وتستجيب العائلة، لأنه "منذ زمن طويل لم يعد ابنها. وإنما ابن العالم العربي كله." والعالم العربي يوجد في رام الله، وليس في أي مكان آخر.



المقال منشور في السفير اللبنانية بتاريخ 15/8/08، في إطار ملحق أسبوعي شامل عن محمود درويش

Friday, August 08, 2008

لهيب الغضب الجامد

قهوة. اثنان يتناقشان بحدة. على الترابيزة أمامهما مكتوب بخط كبير "مثقفين". فجأة يسكت الجميع. أبصارهم تتعلق بباب القهوة. في ترقب ربما. في خوف ربما. في مزيج من الترقب والخوف ربما. الكاميرا تنتقل بسرعة إلى الباب. ظل بخارجه. فجأة ينفتح الباب بقوة. يظهر شخص طويل. بنظارة تخينة. دقنه منبتة. الجميع يهتفون: "سوبر موكاتي. إنه سوبر موكاتي. كم أننا نحب سوبر موكاتي". ينحني نصف انحناءة وهو مكشر ثم يتجه نحو الترابيزة المكتوب عليها "مثقفين".

***

الاتنين الذين يتناقشون أصبحوا تلاتة. الكاميرا تنظر إلى موكاتي مباشرة. لا ينطق تقريبا. ينظر إلى المتناقشين بعبوس حكيم. بين الحين والآخر يخرج سيجارة كيلوباترا ويدخنها. تبدأ الكلمات التي ينطقها الإتنين المثقفين في الوضوح. الشخص على اليمين مكتوب فوقه "نائل سخصية" مع سهم يشير له، ويقول: زيارة فنان الكاريكاتير عبد الحق مساهل أبو عرب لإسرائيل لن تمر بالساهل. لابد من أخذ موقف. الثاني مكتوب فوقه "أمير الحزن الرومانسي" مع سهم يشير له، وهو مستسلم للاكتئاب وينطق مقاطعه ببطء: أنا حزين. أنا حزين. أنا حزين. أنا مودي وحش أوي بسبب دا. لقد انخدعت في هذا الرجل كل السنوات الماضية.

***

الآن الكاميرا تقترب أكثر من وجه موكاتي. إنها لا تقترب. إنها تتوغل. إنها تخترق. الآن نحن داخل رقبة موكاتي ونرى شلالات الدم وهي تصعد من تحت إلى فوق. بعنف هائج. بثورة رهيبة. المشهد كله أحمر. كرات الدم البيضاء تندحر بسرعة. كرات الدم الحمراء التي تغزو المشهد تهتف بقوة: الغضب الغضب. الانتقام الانتقام. الكاميرا تصعد لفوق. عند المخ، جزء مكتوب عليه "مركز الذاكرة" مع سهم يشير إليه. نرى صلاح الدين الأيوبي وهو يحرر القدس. قطز وهو يدحر التتار. سليمان خاطر وهو يقتل الصهاينة. عبد الناصر وهو يقول: سنقاتل سنقاتل سنقاتل. المصريين وهم ينتفضون في سبعتاشر وتمنتاشر يناير. تعود الكاميرا إلى خارج موكاتي. وجهه أحمر جدا، فجأة يندفع الدم من ودانه وعينيه ومناخيره بغضب. يصرخ بعنف: موكاتااااااااااه. المشهد أحمر تماما. لا نرى شيئا.

***

الكرة الأرضية. موكاتي (وقد تحول إلى سوبر موكاتي وطلع له جناح من وراء ظهره) يقف على الحتة التي فيها مصر. ظهره إلى الكاميرا. ينظر قدامه ثم ينطلق. يطير في السماء. الكاميرا على وجهه وهو يطير. يضم قبضته إلينا. ويده الثانية جنب ظهره. وبالونة كلام تظهر فوقه ومكتوب فيها "جرررررررررررررررر" كبيرة. ينزل في حتة مكتوب عليها "لندن ترحب بكم. حافظوا على نظافة عروس التايمز". سوبر موكاتي ينهج من الطريق. يشاور لتاكسي فيقف له. يقول: "آي وونت مستر عبد الحق مساهل أبو عرب بليز." سواق التاكسي يقول بعنف: "هي إيز باد مان. هي جو تو إسرائيل." يبتسم سوبر موكاتي برضا وتظهر بالونة كلام فوق راسه: "عمار يا لندن بناسك وبأهلك الطيبين". وعندما يتوقف التاكسي أمام بيت عبد الحق مساهل أبو عرب يعطيه سوبر موكاتي جنيه ونص فوق حسابه، لأنه انبسط منه خالص، لأن سواق التاكسي لم ينس أبوه الطيب الذي استشهد في الحرب ضد إسرائيل، لأنه لم ينس تاره. ولذلك قالّه يستناه وهو طالع كمان، وهيكرمه في الحساب خالص.

***

أودة نوم عبد الحق مساهل أبو عرب من الداخل. عبد الحق مساهل أبو عرب يتكلم في التليفون مع أصدقائه من المطبعين حول كل الأمور التطبيعية. فجأة يشعر بدَرْبكة جامدة. يقول لصاحبه في التليفون: انتظر قليلا. سأرى ماذا هناك ثم سنعود لنواصل حديثنا حول أهمية التطبيع وكيفية اختراق جبهة المثقفين الشرفاء. يخرج إلى الصالة. يفاجئ بسوبر موكاتي أمامه. يقول مرتجفا: سوبر موكاتي. كيف عرفت مكاني هنا؟ لم أكن أظن أن الشرفاء والمهمومين بالوطن سيعرفون مكاني أبدا. في هذه الأثناء يكون يبكي بقوة. ينزل على السجادة. يمسح دموعه فيها. سوبر موكاتي يقف أمامه منتصب القامة، مرفوع الهامة. يصرخ بقوة: سيف الحااااااااق. ويخرج من تحت حزامه سيف طويل، ولكن عبد الحق مساهل أبو عرب يكون قد اختفى. سوبر موكاتي يصرخ: عيووووووووون الوطااااااان. تظهر له ست عيون في وجهه يتمكن بها من أن يرى كل شيء. يرى عبد الحق مساهل أبو عرب وهو مستخبي تحت الترابيزة. يذهب إلى الترابيزة. يوطي لكي يجيبه، ولكن عضلة ضهره تشد فيقرر أن يشيل الترابيزة من فوقه. ولكنه يكتشف أن فوقها الكمبيوتر وهو ثقيل جدا. يصرخ: عضلات التاريييييييخ. تنبت في ذراعه عضلات جامدة جدا فيشيل الترابيزة. يظهر عبد الحق مساهل أبو عرب من تحتها. ينظر في عيني سوبر موكاتي برعب. يضربه سوبر موكاتي بالسيف ولكنه لا يهتز لأن أصدقائه المطبعين أهدوه قميص واقي ضد السيوف. يصرخ سوبر موكاتي: موتابيييييييييييييييييييييييييييييييي. يو موتابييييييييي.

"موسيقي متوترة جدا". الكاميرا على وجه عبد الحق مساهل أبو عرب الذي يتذكر أنه موتابي. يعرف أنه دمر تاريخه. أنه دمر كل ذكرى حلوة في الوطن. يتشنج. يصرخ. يتقلب على ظهره وبطنه. يظل يضرب الأرض بقبضته وهو يصرخ: لأه. لأه. لأااااااااااااااه. يظل يصغر ويصغر حتى يختفي. سوبر موكاتي يعود إلى الهدوء شيئا فشيئا. يعود إلى طبيعته كموكاتي عادي. تختفي العيون الستة التي ظهرت له وتختفي العضلات ويختفي السيف. يخرج الموبايل علشان يبص في الساعة فيفاجأ بأن الأمير تشارلز بعت له رسالة بيهنيه فيها بجهوده في تخليص الوطن من الموتابين. ويقرر أن يخرج بسرعة علشان يلحق سواق التاكسي قبل أن يزهق ويمشي.

Friday, August 01, 2008

الخلطة السحرية أو القواعد العشر لكتابة رواية ذهنية

عزيزي الكاتب الشاب

أتيتني منذ ساعات. طلبت مني أن أساعدك على كتابة رواية ذهنية. حذرتك وقتها لو تذكر. رددتَ عليّ بأن الكثيرين من قبلي قد حذروك. الآن، وقد علمت أن الطريق طويل وصعب وغير ممهد من قبلك، فإنني ملزم بمساعدتك بناء على طلبك، وها أنا أفصل لك بعض قواعد الرواية الذهنية، لتساعدك على كتابة نصك الأول، ولكن تذكر دائما: إنت اللي اخترت، ولقد قلنا لك بلاش يا أبا بدوي


أولا: قاعدة المصلحة دي ماتخصنيش يا باشا:

ابدأ بالتبرؤ من الرواية، أنت لم تكتب هذه الرواية وإنما كانت جزءا من مخطوط عثرت عليه في أحد الأماكن الغامضة، دير كبير، تكية لا تزال قائمة، شخص ظهر في حياتك مرة واحدة ليسلمه لك. يستحسن أن تكون بعض صفحات المخطوط قد تهرأت أو احترقت أطرافها، وأضف في هوامش روايتك بعض الاقتراحات للكلمات غير الواضحة بفعل قدم المخطوط.


ثانيا، قاعدة فيه سر غامض في عينيكي:

لغز غامض يحوط أبطال الرواية، البطل يبحث عن حل اللغز. اللغز يهدد حياتنا، يحوطها، ويقترب منا. لاحظ أن البطل لا يبحث عن قاتل بعينه مثلا، فهو ليس في ملف المستقبل، وإنما يبحث عن حل للغز كبير، لا يشترط أن واحدا بعينه قد قام به. في بداية بحثه تتكاثر الخيوط التي تصله بالحل، ولكنها كلها، ويا عجبا، تناقض بعضها. قبل نهاية الرواية يكون الكلام قد قل عن حل اللغز، في النهاية بالضبط يكون القراء قد اقتنعوا بأن الطريق إلى حل اللغز، مثل الطريق إلى إيثاكا، هو ألذ وأطعم من الحل نفسه. بمعى آخر: البطل حتى نهاية الرواية يفشل في الكشف عن الحل، لكن لأن المؤلف هو واسطته الجامدة، فإنه يتم الصهينة على الموضوع.


ثالثا، قاعدة أحسن ناس الناس بتوع زمان:

أنت لا تكتب رواية وإنما عثرت على مخطوط، لذا يستحسن أن تكون قد درست الفترة التي تتحدث عنها جيدا. وعليه فلا يجب أن تظهر أية ملامح مشتركة بين الناس في روايتك والناس في أيامنا، يجب أن يظهروا كناس تاريخيين، وتاريخيين فحسب، كل ملامحهم هي ملامح تاريخية. لا تمر سريعا على التفاصيل فأنت لا تكتب رواية عادية، استنى وروق وطول بالك عند التفاصيل لأنها هي التي ستثبت للناس أنك بتكتب رواية تاريخية، طبعا من المفضل جدا الحديث مطولا عن عقائد الناس بتوع زمان، ووصفها بشكل غامض جدا بحيث تبدو مختلفة تمام الاختلاف عن عقائد الناس بتوع اليومين دول.


رابعا، قاعدة الحاجات اللي مالهاش علاقة ببعض:

اقطع السرد فجأة، تحدث مثلا عن حفرة وقع بها أحد الصليبيين في بيت المقدس، تابع تاريخ الحفرة بالموازاة مع تاريخ الجندي الصليبي، لا تدعهما يفلتان منك أبدا، في النهاية، يموت الجندي والحفرة يتم ردمها فلا تعود حفرة. اقطع الحديث وعد إلى السرد الأصلي، ببراءة وبشكل طبيعي وكأنك لم تفعل شيئا منذ قليل.


خامسا، قاعدة ذهبية، مين مايحبش نيتشة:

هناك دائما حوار فلسفي بين جميع الأبطال، في النادي، في العربية، على القهوة، يتحدث الأبطال عن هيجل ونيتشة وشبنهاور (انتبه، ليس هابرماس أو هايدجر أو باختين). وعلى الرغم من أن روايتك ذهنية، فإنه لا يستحب الحديث عن الأفكار المجردة لهؤلاء الفلاسفة العظام، الحديث عن نساء الفلاسفة وعيوبهم الخلقية ومشاكلهم مع الجمهور دوما هو حديث أكثر ظرفا، حتى لو تعلق الأمر بروايتك الذهنية، ودوما ما يجد أبطال الرواية ذلك القهوجي الذي يجلس متأملا وفجأة يلقي جملة عن نيتشة تبين أنه فاهم كل حاجة ابن الأروبة.


سادسا، قاعدة الغرض مرض أو اللي فيه داء مايبطلوش:

البطل مصاب بهاجس، يسعى لتحقيق فكرة غريبة، تبدو تافهة لكن لأنها مسيطرة عليه بقوة فإنها تتحول إلى أساس الرواية، هذا الهاجس، التافه لكن المسيطر، هو الذي يجعل البطل يكتشف أسرار الحياة والموت والميلاد والتاريخ.


سابعا، قاعدة جابوا للمجنون ألف عقل على عقله:

البطل مصاب بهاجس كما قلنا، ولكن ليس هذا فقط، أحيانا بتيجي له حالة نفسية أيضا، أحيانا يرى ناس وعندما يسأل عليهم بعد ذلك يكتشف أنهم ماتوا من زمان، يكلم شخصا على التليفون وفي نفس الوقت يشاهده من بلكونة بيته وهو ماشي مع المزة وعمالين يقولوا كلام حب لبعض. احذر من أن تصف البطل بأنه تعبان ف دماغه، هو فقط يعاني من بعض المشاكل الوجودية، يعاني مشكلة اليقين في ذاته وفي الآخرين، كما سيقول النقاد عنه، وليس أنت. أما انت بقى يا بطل، تعامل مع الأمر بشكل طبيعي جدا، لا شيء حدث يستحق التبرير.


ثامنا، قاعدة قولي لي يا مرايتي أو أنا مش عارفني أنا مش لاقيني:

المراية عنصر مهم جدا. فيها يتعرف البطل على نفسه. ومنها يتأكد من وجوده، لأنه دائم المعاناة مع فكرة وجوده غير اليقيني. والمرايا هي ما تجعله يتأكد من وجوده. ولكن ماذا لو كانت المرايا تقدم له كل يوم صورة مختلفة مثلا عن وجهه. وماذا لو كان يضحك ورأى صورته في المراية مكشرة، وماذا لو كانت المرايا مكسورة ورأى أورته عريضة جدا بشكل كوميدي وعينيه مضغوطة جدا بشكل كوميدي أيضا. العب يا بطل، عيش مع المراية. هتعمل معاها احلى شغل.


تاسعا، قاعدة الفيلم دا كله مواعظ:

الموعظة مهمة، على عكس ما تتخيل, ضع موعظة على لسان أحد الأبطال أو على لسان الكاتب – كاتب المخطوط – شخصيا. يفترض في الموعظة ألا تكون تقليدية: بدلا من الروايات غير الذهنية التي ينصح فيها الناس بالخير، فانصح أنت الناس بالضحك، بالرقص، باللعب، بالأكل كثيرا، بعدم الحنين. هذه القاعدة دقيقة وحساسة، لأن جزءا من شرعية ظهور روايتك هو أنها لا تعظ الناس، مع أن الموعظة مهمة لأن المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص، عليك إذن جعل الموعظة غير واضحة، على القارئ أن يتشرب بها بدون أن يحسها.


عاشرا، قاعدة الاتنين احسن م الواحد والتلاتة احسن م الكل:

استخدام قاعدة واحدة من دولا لا يصنع رواية ذهنية، كما أنها قليلة جدا الروايات التي استخدمت العشرة مجتمعين، يمكننا القول أن الروايات الذهنية تتدرج في الذهنية صعودا وهبوطا، ولكن دوما فاستخدام قاعدتين هو أفضل من استخدام قاعدة واحدة، والثلاثة أفضل من الاثنين، والعشرة هي الرواية الحلم. هي الرواية الذهنية بألف لام التعريف.