Friday, August 08, 2008

لهيب الغضب الجامد

قهوة. اثنان يتناقشان بحدة. على الترابيزة أمامهما مكتوب بخط كبير "مثقفين". فجأة يسكت الجميع. أبصارهم تتعلق بباب القهوة. في ترقب ربما. في خوف ربما. في مزيج من الترقب والخوف ربما. الكاميرا تنتقل بسرعة إلى الباب. ظل بخارجه. فجأة ينفتح الباب بقوة. يظهر شخص طويل. بنظارة تخينة. دقنه منبتة. الجميع يهتفون: "سوبر موكاتي. إنه سوبر موكاتي. كم أننا نحب سوبر موكاتي". ينحني نصف انحناءة وهو مكشر ثم يتجه نحو الترابيزة المكتوب عليها "مثقفين".

***

الاتنين الذين يتناقشون أصبحوا تلاتة. الكاميرا تنظر إلى موكاتي مباشرة. لا ينطق تقريبا. ينظر إلى المتناقشين بعبوس حكيم. بين الحين والآخر يخرج سيجارة كيلوباترا ويدخنها. تبدأ الكلمات التي ينطقها الإتنين المثقفين في الوضوح. الشخص على اليمين مكتوب فوقه "نائل سخصية" مع سهم يشير له، ويقول: زيارة فنان الكاريكاتير عبد الحق مساهل أبو عرب لإسرائيل لن تمر بالساهل. لابد من أخذ موقف. الثاني مكتوب فوقه "أمير الحزن الرومانسي" مع سهم يشير له، وهو مستسلم للاكتئاب وينطق مقاطعه ببطء: أنا حزين. أنا حزين. أنا حزين. أنا مودي وحش أوي بسبب دا. لقد انخدعت في هذا الرجل كل السنوات الماضية.

***

الآن الكاميرا تقترب أكثر من وجه موكاتي. إنها لا تقترب. إنها تتوغل. إنها تخترق. الآن نحن داخل رقبة موكاتي ونرى شلالات الدم وهي تصعد من تحت إلى فوق. بعنف هائج. بثورة رهيبة. المشهد كله أحمر. كرات الدم البيضاء تندحر بسرعة. كرات الدم الحمراء التي تغزو المشهد تهتف بقوة: الغضب الغضب. الانتقام الانتقام. الكاميرا تصعد لفوق. عند المخ، جزء مكتوب عليه "مركز الذاكرة" مع سهم يشير إليه. نرى صلاح الدين الأيوبي وهو يحرر القدس. قطز وهو يدحر التتار. سليمان خاطر وهو يقتل الصهاينة. عبد الناصر وهو يقول: سنقاتل سنقاتل سنقاتل. المصريين وهم ينتفضون في سبعتاشر وتمنتاشر يناير. تعود الكاميرا إلى خارج موكاتي. وجهه أحمر جدا، فجأة يندفع الدم من ودانه وعينيه ومناخيره بغضب. يصرخ بعنف: موكاتااااااااااه. المشهد أحمر تماما. لا نرى شيئا.

***

الكرة الأرضية. موكاتي (وقد تحول إلى سوبر موكاتي وطلع له جناح من وراء ظهره) يقف على الحتة التي فيها مصر. ظهره إلى الكاميرا. ينظر قدامه ثم ينطلق. يطير في السماء. الكاميرا على وجهه وهو يطير. يضم قبضته إلينا. ويده الثانية جنب ظهره. وبالونة كلام تظهر فوقه ومكتوب فيها "جرررررررررررررررر" كبيرة. ينزل في حتة مكتوب عليها "لندن ترحب بكم. حافظوا على نظافة عروس التايمز". سوبر موكاتي ينهج من الطريق. يشاور لتاكسي فيقف له. يقول: "آي وونت مستر عبد الحق مساهل أبو عرب بليز." سواق التاكسي يقول بعنف: "هي إيز باد مان. هي جو تو إسرائيل." يبتسم سوبر موكاتي برضا وتظهر بالونة كلام فوق راسه: "عمار يا لندن بناسك وبأهلك الطيبين". وعندما يتوقف التاكسي أمام بيت عبد الحق مساهل أبو عرب يعطيه سوبر موكاتي جنيه ونص فوق حسابه، لأنه انبسط منه خالص، لأن سواق التاكسي لم ينس أبوه الطيب الذي استشهد في الحرب ضد إسرائيل، لأنه لم ينس تاره. ولذلك قالّه يستناه وهو طالع كمان، وهيكرمه في الحساب خالص.

***

أودة نوم عبد الحق مساهل أبو عرب من الداخل. عبد الحق مساهل أبو عرب يتكلم في التليفون مع أصدقائه من المطبعين حول كل الأمور التطبيعية. فجأة يشعر بدَرْبكة جامدة. يقول لصاحبه في التليفون: انتظر قليلا. سأرى ماذا هناك ثم سنعود لنواصل حديثنا حول أهمية التطبيع وكيفية اختراق جبهة المثقفين الشرفاء. يخرج إلى الصالة. يفاجئ بسوبر موكاتي أمامه. يقول مرتجفا: سوبر موكاتي. كيف عرفت مكاني هنا؟ لم أكن أظن أن الشرفاء والمهمومين بالوطن سيعرفون مكاني أبدا. في هذه الأثناء يكون يبكي بقوة. ينزل على السجادة. يمسح دموعه فيها. سوبر موكاتي يقف أمامه منتصب القامة، مرفوع الهامة. يصرخ بقوة: سيف الحااااااااق. ويخرج من تحت حزامه سيف طويل، ولكن عبد الحق مساهل أبو عرب يكون قد اختفى. سوبر موكاتي يصرخ: عيووووووووون الوطااااااان. تظهر له ست عيون في وجهه يتمكن بها من أن يرى كل شيء. يرى عبد الحق مساهل أبو عرب وهو مستخبي تحت الترابيزة. يذهب إلى الترابيزة. يوطي لكي يجيبه، ولكن عضلة ضهره تشد فيقرر أن يشيل الترابيزة من فوقه. ولكنه يكتشف أن فوقها الكمبيوتر وهو ثقيل جدا. يصرخ: عضلات التاريييييييخ. تنبت في ذراعه عضلات جامدة جدا فيشيل الترابيزة. يظهر عبد الحق مساهل أبو عرب من تحتها. ينظر في عيني سوبر موكاتي برعب. يضربه سوبر موكاتي بالسيف ولكنه لا يهتز لأن أصدقائه المطبعين أهدوه قميص واقي ضد السيوف. يصرخ سوبر موكاتي: موتابيييييييييييييييييييييييييييييييي. يو موتابييييييييي.

"موسيقي متوترة جدا". الكاميرا على وجه عبد الحق مساهل أبو عرب الذي يتذكر أنه موتابي. يعرف أنه دمر تاريخه. أنه دمر كل ذكرى حلوة في الوطن. يتشنج. يصرخ. يتقلب على ظهره وبطنه. يظل يضرب الأرض بقبضته وهو يصرخ: لأه. لأه. لأااااااااااااااه. يظل يصغر ويصغر حتى يختفي. سوبر موكاتي يعود إلى الهدوء شيئا فشيئا. يعود إلى طبيعته كموكاتي عادي. تختفي العيون الستة التي ظهرت له وتختفي العضلات ويختفي السيف. يخرج الموبايل علشان يبص في الساعة فيفاجأ بأن الأمير تشارلز بعت له رسالة بيهنيه فيها بجهوده في تخليص الوطن من الموتابين. ويقرر أن يخرج بسرعة علشان يلحق سواق التاكسي قبل أن يزهق ويمشي.

3 comments:

أحمد منتصر said...

العبد لله بيقرأ ف روايتك ليلى أنطون أهوه

عاجباني لغة وسرد وفكرة

المهم العبد لله مصحح لغوي عندك أخطاء لغوية قليلة آه لكن بتكرر معاك

مثلا الفصل الأول من ليلى أنطون طبعة دار ميريت الأولى فيها 15 غلطة لغوية بالمكرر

عموما العبد لله مصحح لغوي خبرة بصحح الورقة ف الرواية بجنيه

يا بلاش هع هع

ammymsi2007@haotmail.com

Anonymous said...

قد ايه بضان

بوست بضان

أسماء علي said...

اممممممم

عضلات التاريخ

يا نائل كله بقى من التاريخ