
في البداية أحببت أن أرجع إلى الوراء خطوة، عادي، دست باك، رجعت إلى الصفحة السابقة على شاشة الكمبيوتر، الكمبيوتر كان شغالا لمدة ثلاثة أيام، كنت أحمل عليه أفلاما لثلاثة أيام، وأنا فاتح شاشة الفيسبوك، وفاتح المدونة، وفاتح الإيميل، وشغال، لتلات أيام كنت شغال، بلا راحة، والجهاز لا يشتكي يا عين أمه، رجعت إلى الوراء خطوة على الشاشة، الإيميل الذي رجعت فيه خطوة كانت فيه رسالة غير مقروءة، أشاهدها الآن تحمل إشارة unread message بينما أنا أعرف جيدا ما بها، وخطوة دائما تجيب خطوة، وطريق التنازلات لا نهاية له، دست باك مرة أخرى، ومرة ثالثة ورابعة، فجأة وجدت نفسي فاضي، كنت قد حملت الأفلام التي أريد تحميلها، وليس وراء جهازي أي حاجة غير اللعب المجرد، اللعب الصافي، إلا أن يكون خادم الاستمتاع الشخصي لي، أن يكون معرصي الخاص، وسيلتي لاسترجاع ما حدث في الأيام الثلاثة الماضية، شيئا ما يشبه العودة إلى الماضي، ويعرف الجميع طبعا أن العودة إلى الماضي فعل عبثي، لأنه حتى ونحن نركب آلة الزمن ونعود إلى الأربعينيات فلن يتوقف الزمن عن المضي أماما، عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، ومن كان منكم يملك ساعة في يديه فلينظر فيها وهو جوا آلة الزمن، ومن كان لا يملك فليخرج موبايله، المهم، بإرجاعي الصفحة باك ثم باك ثم باك، أمكنني أن أشاهد من جديد الأراضي البكر التي كنت قد اقتحمتها بعد ذلك، أشاهدها ببكارتها الأولى، مساحة فارغة لتعليق كنت قد ملأته واتشتمت بسببه، تدوينة كنت لم أكتبها وقتها، شتيمة تراجعت عنها فيما بعد، تزهر على جانبي الطريق الذي أسير فيه عائدا آلاف الاحتمالات البديلة لما حدث في الأيام الثلاثة، لثلاثة أيام أخرى كنت أدوس باك وراء باك، "وراء باك" قد يقرأها أحدهم بشيء من الركاكة باعتبارها و"اراقبك"، أراقب نفسي، ليس بالضبط، أراقب تقدمي، وأمارسه مقلوبا، أعود من نفس الطريق التي أتيت منها، أشاهدني وأنا أصغر وأصغر في الزمن أياما ثلاثة، أراقبني معكوسا، وأنا أتحول إلى الطفل – أو، على الأقل، الأكثر طفولة – الذي كنته من ثلاثة أيام، الفايرفوكس يعمل بديلا عن الذاكرة وعن آلة الزمن، يريني ما كان عليه الأمر سابقا، يسألني، هو قوادي كما اتفقنا، حلو كدا يا باشا فأقول له شغال، فيعيد اقتحام صفحة أخرى، وينتقص من عمري ثوان أخرى، ويعيد تكوين غشاء بكارة الصفحات التي كنت قد فضضتها من قبل، ويعيد انتهاكي لبكارتها، أنا المؤمن الذي يفض حور عينه طوال الوقت وطوال الوقت لا يتوقف غشاءهن عن التكون لدرجة عودتهن أبكارا من أول وجديد كل تلات دقايق يا برنس، تصور إنت!