Saturday, December 30, 2006

الطوفان يزور الكمبيوتر



كارثة رهيبة. الهارد ديسك بتاعي ذهب إلى العالم الاخر. فجأة، و بدون سابق إنذار، أجد كل ما اكتبه، كل شغلي، كل حاجة بعملها على الكمبيوتر راحت، كتاب بترجمه من اربع سنين، رواياتي و قصصي، كل الاغاني و الافلام، حاجات عجبتني، صور عندي، كل دا اصبح في خبر كان، كل شوية تتضح لي أبعاد المأساة اكتر، الكتاب اللي بترجمه انا مش حاطه في اي حتة تانية. امبارح اكتشفت المعلومة دي. نفسي مسدودة ومتكدر جدا، التشبيه الوحيد اللي بيخطر لي بقوة هو الطوفان، طوفان يجتاح الكمبيوتر بتاعي و يهلك الحرث و النسل، ساعتها الكمبيوتر بتاعي هيولد من اول وجديد، زي بالزبط الارض مع سيدنا نوح
دايما كان موقع قصة الطوفان بيدهشني. مش معقول ابدا يكون تاني نبي بعد ادم –اذا سلمنا بكون ادم نبيا- هو نوح صاحب الطوفان. مش معقول، قبل موسى و عيسى و محمد، قبل اختراع الابجدية و قبل اللواط و قبل الانترنت و قبل البلوتوث و الافلام السكس، قبل المخدرات و قبل المذابح والقمع، قبل اختراع الشركات العملاقة و احتكار الادوية، مش معقول قبل كدا دا يلاقي ربنا نفسه في حاجة الى انه يخلص البشرية من اشرارها، طيب ليه؟ واحنا لسة بنبدأ قصة العالم و الشر لسة كائن بريء جدا و لسة كتير على ما يبقى شر حقيقي. الطوفان، بما انه حدث عالمي، محتاج كمان تاريخ عالمي علشان يسنده، محتاج لالف سنة بعد الميلاد، محتاج يكون فيه بشر بجد و جرايم بجد. إنما إفناء البشر قبل أن يوجدوا، دا ماكانش مفهوم بالنسبة لي. بالمناسبة. دي اول سنة ليا مع الهارديسك، ومع الكمبيوتر عموما. يمكن بعد عشر سنين اقول نفس الكلام عن الطوفان اللي بتعرض له انا دلوقتي. الفرق اني دلوقتي ببص للحظة دي على انها كل تاريخي. اكيد ان ابناء الطوفان اعتقدوا وقتها انهم شاخوا، ان الارض شاخت، اكيد اعتقدوا انهم في نهاية الزمان الذي يتطاول فيه الرعاة في البنيان
تجربة بتصادفني يا ولاد مع كل لغة جديدة بتعلمها، الانجليزي و الفرنساوي و العبري، اقرا نص باللغة اللي انا لسة بقول فيها يا هادي، نص صعب جدا، مقدرش افهمه، نص يعقدني من اللغة، شوية بشوية، لما تبتدي اللغة تكشف لي نفسها، ابدا افهم فيها تدريجيا، ارجع للنص القديم، اللي قريته ف سنوات جهلي، الاقيه لسة على صعوبته، لسة الغازه ماتحلتش، يعني العيب ف النص مش فيا، اشمعنى النص دا بقراه في اول تعلمي للغة؟ اشمعنى الطوفان حصل مع تاني نبي مباشرة، اشمعنى الهارديسك يضرب و الجهاز لسة عريس جديد؟



Saturday, December 09, 2006

عن الحب والبيوت

أنا عايش ف القاهرة.. و هي ف بلد تانية. بلد تانية بعيدة اوي. برة حدود القاهرة ومصر كلها.. طبعا بنوحش بعض كتير
هي مش قاعدة ف بيتها. بتدرس ف مدينة تانية غير مدينتها.. و بترجع مدينتها كل اسبوع او كل عشر تيام.. بينما انا بشتغل في نفس المدينة اللي انا ساكن فيها اللي هي – للمصادفة الرهيبة – عاصمة البلد اللي انا قاعد فيه. أوكيه؟
هي بتوحشني جدا.. و دا طبيعي.. لان انا بعيد عنها مسافة كيلومترات رهيبة.. لكن بحس بالافتقاد ليها اكتر و هي مسافرة على المدينة اللي هي بتدرس فيها، يعني و هي سايبة المدينة اللي هي عايشة فيها مع اهلها. بحس بقتامة و برودة و هي خلاص هتخرج من بيتها و تروح على جامعتها، قتامة غير مبررة طبعا
انا مسافر بعد ساعات قصيرة على السويس.. مسافر على الجيش، رايح استدعا بعيد عن السامعين، ومن الصبح عمال الف و ادور علشان اظبط الحاجات اللي انا عاوزها هناك. المشكلة الغريبة، ان هي كمان حاسة بنفس القتامة و البرودة وانا مسافر برة القاهرة. كل دا و – خدو بالكو - كل واحد فينا اصلا عايش في بلد مختلفة تماما عن بلد التاني

من غير ما يقصد البني ادم، بيرتبط ببيئة الشخص اللي هو بيحبه.. مش بيرتبط بيه هو بس، لكن ببيته و بيئته و اهله كمان، بحيث ان اي بعد من الشخص عن بيته يخلي البني ادم اللي بيحبه يقلق.. كإن البعد دا كان هو المقصود بيه.. كإنه طعنة نجلاء موجهة لقلبه هو
كلنا لما بنحب بنبقى اشخاص مدجنين، اليفين، و الاهم، بيتوتيين، بنبقي مربوطين بالبيت اوي، على طول اللي بيحب بيربط نفسه ببيت تاني، بعيد، مش بيته هو إنما بيت المحبوب. انا بيتك و انا اهلك، جملة بتتقال كتير مش ف المسلسلات بس لكن على لسان الاحبة كمان
وعلشان التأكيد على المعنى دا، وبرغم ان هيبقى معايا الموبايل هناك، و هي اكيد هيفضل معاها الموبايل، و برغم انه تقريبا مش هيبقى فيه مشكلة رهيبة ف الاتصال بيننا ، بس انا متأكد إني أول ما ارجع لما اخلص الاستدعا هاكلمها ف التليفون. بالتأكيد ان اكتر كلمة هتبقى مفارقة ف الموضوع كله هتقولهالي هي اني نورت. مش هيبقى مفهوم نورت ايه بالزبط، بلدي و لا بلدها؟ و لا هيبقى مفهوم سبب الفرحة اللي ساعتها هنبقى حاسين بيها، طالما ان كل واحد لسة ف بلده و لسة التليفون هو وسيلة الاتصال بيننا، وهي وسيلة كانت بتأدي دورها بكل كفاءة في الايام اللي فاتت

Thursday, December 07, 2006

معارضو الشارع


نفترض ان مثلا، بني ادم، مثقف ووطني، قرر يبقى معارض لانه فجع لما سمع عن أحداث عصابة اولاد الشوارع. وشاف ان لهذا دلالات رهيبة على مصير مصر، مصر، مصر، التلات احرف الساكنة اللي شاحنة ضجيج. طبعا مش لازم انه كان ساعتها بيتفرج ف التليفزيون على صورة النيل جنب النيل هيلتون و فلاحات لطاف وموظف مبتسم ف وش العميل
المعارض ابو ضمير صاحي قرر إنه يبقى ضد الحكومة بقوة، لانها ازاي تسمح بوجود اطفال الشوارع، و ازاي يتم تلويث الشارع المصري لهذه الدرجة المشينة، وطبعا زي ما هو معروف: خوفه الاساسي على الروح المصرية اللي بدأت تنتشر فيها امراض خطيرة ورهيبة، الشذوذ و التشرد و البلطجة والعيال اللي مخبية امواس تحت لسانها. صاحبنا مهتم بالروحانيات زي اي شخص مثقف
هو عاوز يلغي ظاهرة اولاد الشوارع باي طريقة، و اي طريقة ممكن تبقى اي طريقة، يعني زي ما هو عاوز يلغي التسول والنشل و البيع على الارصفة، بطريقة اي طريقة برضه. من المنطلق دا ممكن مثلا يكون عتبان على الحكومة لانها مش بتلم كل الحاجات دي في اوتوبيس و تفجره مثلا. وممكن يكون فكر ان لو فيه عيال بتنط على بعضها ف الشارع يبقى من مصلحة الظباط ان العيال دول يفضلوا عايشين علشان الظباط الغلابة كمان يستمتعوا، وبالتالي من مصلحته هو، كمعارض، ان العيال دول يموتوا، ومن هنا تفتق ذهنه ان اعدام العيال دول او حتى حرقهم هو انسب وسيلة ل، واحد: تطهير المجتمع. اتنين: الانتقام منهم لانهم زرعوا الخوف في نفوس اطفاله الابرياء وهو ماشي معاهم بالليل، اخينا بيحب ولاده طبعا زي اي أب مصري. تلاتة: حرمان الضباط والعساكر اللي يا عيني مش هيلاقوا حد يتسلوا بيه في الزنازين القفر اللي هما فيها. يعني هو اعلى درجات من اي معارض عادي. دا كمان ضد الشرطة، مش الحكومة بس، و بيفكر بشكل عملي، (أي: مش بيكتفي بالتنظير) في انجح الاساليب للانتقام المشترك من الشرطة ومن اللي بيلوثوا وجه مصر الحضاري. و قعد اخيرا يرسم خريطة مصر كبلد يستحق اسمه. برافو. انا شخصيا.. أنا.. آي دو لايك إيت، انا شخصيا بهنيه
احم. بالمناسبة: الفرق الإملائي ما بين محاربة الفقر و محاربة الفقراء مش كبير. دا آء بس. والتحول ما بين الاتنين مش هيوقع اي شخص في غلط لغوي رهيب. المشكلة الوجودية بقى والمزعجة اللي مطيرة النوم من عين صاحبنا شخصيا، ان الفرق اللغوي ما بين العدل والفاشية مش بنفس البساطة، و ان الخلط بينهم هيفتح عليه نيران مصححي اللغة العربية، اللي هما كمان ليهم حاجات بيغيروا عليها ومستعدين يحاربوا علشانها