Monday, September 12, 2011

بحثا عن وجهي



1

لم أر نفسي أبدا إلا فوق أسطح، سطح المرآة، سطح الصورة الفوتوغرافية، اللوحة، سطح التليفزيون. أي أنني لم أر نفسي ثلاثي الأبعاد أبدا. لم أستطع أبدا تخيل شكلي، حتى مع اختراع المرآة، كانت ملامحي هي لغز حياتي الأعظم. من أشبه، كيف أكون، ما الانطباع الذي أخلقه عند محدثي، كلها أسئلة لم أستطع حلها أبدا. ربما لانني لم أستطع ابدا مشاهدة نفسي مجسدا. أعتقد أنني أتشابه في هذا مع سائر أفراد الجنس البشري، حتى هذه اللحظة.

تقسيم الوجوه إلى أشكال هندسية يفشل في الغالب، بسبب ثلاثية الأبعاد هذه بالتحديد، لا نستطيع تمييز الوجه المثلث عن المستدير إلا في حالات متطرفة، في اغلب الأحوال يكون الوجه وجها فحسب، لا مستطيلا أو مستديرا أو مثلثا، ننطق نحن بهذه الأشكال تجاوزا، ولا نعنيها، لا ندرك هندسة الوجه، الوجه في أحيان كثيرة هو خبرة وليس تعلما، مثل الرائحة والمذاق. برغم هذا، كانت عبارة قالها أخي يوما، بأنه يفضل الوجوه المستطيلة، وعنى بها وجهه، على المستديرة، وعني بها وجهي، هي هوسي طيلة السنوات التالية كلها.

فورما نطق أخي بجملته، أو بعدها بما يكفي لتختمر الجملة في ذهني، بدأت أحاول البحث عن وجهي المستطيل، عن ملامحه المتوارية وراء شعر كثيف ومجعد وقبيح. بدأت أحلق شعري بشكل مازوخي. أسبوعيا كنت أخرج من عند الحلاق متحررا، أسير فاردا قامتي أمام الجميع، ناظرا في أعينهم بجسارة. يوم زيارتي للحلاق هو اليوم الذي أتجرأ فيه على زيارة المصور الفوتوغرافي لالتقاط صور لي. هكذا يضخ الشعر الأقصر في طاقة جديدة، لا تلبث أن تنفد بعد أسبوع، حينما تبدأ ملامحي في الترهل مع ازدياد طول شعري.






وجهي المستدير

وجهي المستطيل


2

ظننت يوما أن الصور الفوتوغرافية تكفي لأعرف على أي شكل، المستطيل أم المستدير، هو وجهي. عددت تلك بديهيتي الخاصة، شعري الطويل يجعل وجهي مستديرا، أي كريها، والقصير يجعله مستطيلا، أي جيدا، هكذا فهمت الأمور. في يوم شبهني صديق بشخص آخر. قال لي أنه يشبهني في استدارة وجهي. كان شعري قصيرا وقتها بلا جدال. وقعت علي العبارة كسكين مسممة. ولأول مرة خرج فيها سؤالي على هيئة أصوات، بعد أن كان محبوسا كأفكار في داخلي طيلة الأشهر الماضية. سألته إن كان وجهي مستديرا أم مستطيلا. قال لي بعد تفكير أنه مستدير الاستطالة أو مستطيل الاستدارة. قالها بسخرية، كان يقصد إلقاء نكتة، و لكن وراء سخريته كانت تقف إمكانية رؤيته لوجهي مجسدا. مستطيل الاستدارة أو مستدير الاستطالة، الثلاثة أبعاد تحضر هنا بجبروتها لتمارس علي، أنا ذو البعدين في عين نفسي، نوعا من القهر، لا ينبع بالأساس من تحطم أسطورتي عن وجهي بأنه مستطيل بلا جدال، و لكن تنبع أيضا من تلك الإمكانية التي حرمت أنا منها بقرار وجودي، إمكانية أن أعرف كيف أبدو.

سعيا وراء استطالة وجهي، لم يكن جز شعري هو التكنيك الوحيد. في يوم من الايام. بالتحديد في الاجازة التي سبقت دخولي الجامعة. اعتقدت أن استدارة وجهي ربما تكون نابعة من زيادة وزني. من هنا بدأت حملة محمومة لإنقاص وزني. لشهر كامل اكتفيت بوجبة واحدة يوميا لا تعتمد إلا على الخضروات. في عشرة أيام انخفض وزني تماما. لم يكن هذا رائعا، ربما، على العكس، بدا مظهري مرعبا. قال كل من رآني وقتها أنني أبدو له كشبح، هكذا قالت أمي. أشار علي زميل المدرسة بسخرية وقال: "يحي العظام وهي رميم". أما أختي وصديقة أمي فقد أفلتت منهما الملحوظة المعجزة: أصبح وجهي مستطيلا بعد أن كان مستديرا. المدهش أنهما لم تباركا لي. لم تعتبرا هذا إنجازا يستحق التهنئة. قالتاه بإشفاق وبمصمصة للشفاه. اقترحت أختي عليّ تعاطي بعض الفيتامينات أما صديقة أمي فقالت أنها لو رأتي في الشارع لما عرفتني.

كل شيء كان يقطع بأنني أتدهور، بأنني أسير في منحدر سريع في تلك الأيام، المظهر الشبحي، الإرهاق الكامل، التوتر العصبي، الاشتهاء الوحشي لروائح الطعام، برغم هذا، كانت ملاحظات أقربائي مرضية جدا بالنسبة لي. الريجيم هو أكثر وسائل التعذيب هيمنة. به يمكن لآلهة العصر الحديث السيطرة على مخلوقاتها. في ممارستنا الريجيم نتحول إلى آلات. لا نفكر. ننسى مع الوقت الهدف الأصلي: "جسد أفضل أو وظائف عضوية تعمل بكفاءة أكثر." يتحول الجوع إلى طقس غير قابل للمراجعة كالصيام، لا نعرف ما وراءه. وإذا عرفنا قليلا، نصطدم بحائط الصد الثاني: يصبح الجسد الأكثر نحافة هو الطقس، لا قبحه ولا جماله وإنما نحافته. يقدم لنا الجسد النحيف أمانا ما، ضمانا بأن السمنة لا تزال بعيدة خطوات كثيرة. تراجع قيمة جمال الجسد، أو إهمالها نسبيا، لصالح أمانه، لصالح ابتعاده عن موطن شبهات السمنة، هو سمة المجتمعات الحديثة، هو سمة برجوازيتنا. لتقريب المسألة، كان هوسي بوجهي في تلك الفترة يشابه هوس النساء بأجسادهن، شيء بين الوهم والصحو، بين العقل والجنون. كان هوسا.

كان التعذيب الذي مررت به في تلك الفترة بدنيا، و لكنه كان نفسيا ايضا. شعرت بأن وجهي يتراوح، يوميا وعلى حسب ساعات مختلفة من النهار، بين الاستدارة والاستطالة، وهذا يشعرني بشيء ما لا أفهمه، بانعدام المنطق مثلا، أو بعبثية الموقف، أو بأنني مطالب بالمزيد من الصبر للوصول إلى وجهي المثالي، وجهي الذي سآتي به من عند الله، الله الذي كان في ذاك الوقت قد بدأ يلعب معي ألعابه، ألعابه التي انتهيت منها وقد أضحيت حطاما نفسيا هائلا. حلمت يوما بأني في السنة النهائية وأنني اجتاز الاختبار الأخير في هذه السنة الدراسية. عندما صحوت، وكان الحلم قد أثر في كثيرا، أحسست بأن ثمة رسالة عليها أن تصل لي من خلاله. ثم استطعت أن أصل إلى النتيجة التي بدت بديهية لي في ذلك الوقت. الله يختبرني، يختبر قدرتي على احتمال وجهي قبل الوصول إلى الوجه المثالي، المستطيل. وهذا هو آخر اختبار. سأجتازه قبل أن يمنحني الله الوجه الذي أختار.

3

الابتلاء هو أهم جزء في الدين. بالابتلاء يضمن الله ولاء مخلوقاته. اتباعهم له حتى وهو يفقدون كل شيء، ما عدا، أو أن هذا هو محك الابتلاء، إيمانهم به وثقتهم في أن بعد الصبر سيأتي فرج. الفرجة البسيطة التي يتركها الله لمخلوقاته، الجزء المقطوع من الورقة، من اللوح المحفوظ، المدعو بالمستقبل، والذي، لكونه جزءا مقطوعا، مغيبا، لا نعرف أي شيء عن حجمه، محتواه، شكله، هو ما يسير أتباعه في طريقه حتى النهاية، لاعتقادهم أن الفرجة على وشك الانتهاء، أن الورقة، صفحة الابتلاء في اللوح المحفوظ، ما كانت تنقصها إلا قصاصة وهذه القصاصة على وشك الالتئام في الصفحة قريبا. في تلك الأيام البعيدة، اعتقدت كثيرا ان ابتلاء الله الأخير لي هو اليوم، هو الساعة، بعده سأصل إلى وجهي النهائي. أحيانا وعندما أنظر في المرآة، أجد وجهي مستطيلا كما أردته، كنت أعتقد أنني تجاوزت الابتلاء الأخير بنجاح فعلا لأجده يتحول بعد يومين إلى آخر مستدير. بنت توهماتي في تلك الفترة، ألعاب الخداع البصري التي مارستها المرآة عليّ، ولا تزال تمارسها حتى الآن بشكل أكثر لطفا بكثير، تكويني النفسي كشخص محطم. انهرت مرة أمام أمي، حكيت وحكيت وحكيت، بكيت وصرخت، سألتها لماذا يفعل الله بي هذا، ألأني أصلي وأصوم وأعبده؟ في قلب الحكي كنت أريد لسؤال ما أن يفلت. حكيت لها عن التقلبات التي يمر بها وجهي على حسب الإشارات التي أتلقاها من عند الله. سألتها هل لاحظت تقلب وجهي بين حالتيه؟ أومأت لي أنها لم تلاحظه. كنت أريد أن أرى القصة بعين غيري. وكان النتيجة لصالحي. كان أسهل علي تقبل أنني أتوهم، من تقبل أن الله يمارس لعبه السادي معي، يلقي إلي بإشارات ويخرقها بنزق. المتوهم لا يضيره كثيرا أن يكون متوهما. ربما العكس، يجرحه كثيرا أن يرى الآخرون ما يراه هو. ينشأ اعتزازه بنفسه من كون الآخرين يصمونه بأنه يتوهم، بينما هو من يعلم الحقيقة كاملة، هو يرى الاثنين، مايرونه وما يراه هو.

4

يعتقد الكثيرون أن الكون مصاغ وفق معادلات قدرية لا يفهمها العامة. وهي، بصفتها معادلات معقدة وغير مفهومة، لا دخل لله بها، لا يتدخل هو ليوصل إلينا هذه المعادلات، لكي نعلم شيئا عن الغيب، عن القصاصة المقطوعة من صفحة اللوح المحفوظ. وإنما هي شيء مزروع في فطرة الكون، مثل الخطوط في فنجان القهوة، التي لن تغيب دلالاتها لو لم نلحظها. من هنا تنشأ الحاجة إلى قارئ خاص للعلامات، مفسر للأحلام أو قارئة طالع. تنشأ الوظيفة في المجتمعات التقليدية، وتصبح إلهية بمعنى ما: الله يرغمك على اللجوء إلى مفسر الأحلام ليشرح لك ما عجرت أنت عن فهمه. لو أراد الله أن تفهم حلمه لمنحك حلما سهلا، ولكنه يريد لهذه الوظيفة أن تتطور. الله يدافع عن وظائف المجتمعات التقليدية. يدافع عن تقسيم العمل. تختلف هذه الإشارات بالطبع عن أحلام الأنبياء التي يكون فيها النداء صريحا وقابلية النبي لأن يكون نبيا تكون دوما حاضرة، ليس هذا فقط، لن يكون النبي نبيا لو لم يستبصر أكثر، لو لم يكن ذلك النوع من قارئ الطالع أو مفسر الأحلام. هو الوظيفتان معا. لم ألجأ وقتها، وأنا أتتبع هذه الإشارات الإلهية بجنون، إلى أحد غير نفسي. ربما، وبشكل شبه أسطوري، داخلني شعور بأنني ذلك النبي الذي يفسر الوحي بنفسه بدون معونة من أحد غيره، مثلما قبلها، داخلني شعور أنني سأصبح متصوفا كبيرا، سأرى الله بنفسي وسأروح في غيبوبة رؤية كأقطاب التصوف العظام. تتبعت هذه الإشارات كثيرا، شكلت لي وقتها هوسا. كنت شبيها بنبي من العهد القديم يسأل: متى يا رب. في الأغلب الأعم، وهذا شيء لم أكتشفه إلا الآن، لم أكن أريد الوصول إلى وجهي فحسب ساعتها، كنت أريد وبالأساس كتابة قصة ذلك الوصول، كنت أريد الحصول على معجزة، وكنت أريد أن أحكيها، ولم أكن قادرا على حكايتها إلا بعد أن تتم، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

5

في عز صلاتي المحمومة لإنجاز المهمة. في عز ما آمنت ساعتها أنه الصبر الذي يعجز الصبر عن صبره، داخلتني هواجس ما. كان رهاني الأساسي على الإيمان، هو الذي سيوصلني إلى ملامحي المشتهاة. فجأة، وفي اعترافي أمام أمي أذكر واقعة، أذكرها بين البكاء والصوت المبحوح: أنا في القطار. في طريقي إلى الإسكندرية. جاري في المقعد مسيحي. يقرأ كتابا عن معجزات البابا كيرلس الخامس مع جمال عبد الناصر. أصل إلى الإسكندرية. أصلي المغرب في مسجد بجوار بيتنا. أثناء ركوعي تداهمني هذه الفكرة، وماذا لو كانت المسيحية هي الدين الصحيح، وماذا لو كان الإنجيل هو كتاب الله، أما إله المسلمين فقد انتحل القرآن. قلت لأمي أنني أبعدت هذه الأفكار عن نفسي بسرعة وعنف. ولكنني ظللت أسأل نفسي: لماذا يفعل الله بي هذا؟ قالت لي أمي أنني أحتاج لإراحة أعصابي قليلا. أضافت نصيحتها أن أبعد هذه الأفكار عن ذهني فورما ترد على بالي.

"فيما بعد، بعد أربع سنوات، عندما تبدأ أمي في تخيل أن الرسول يحادثها، وأن الله يبعث لها برسائل خاصة، سأقول لها أنني ذات يوم توهمت أوهاما كأوهامها، رأيت أشياء غير موجودة، بل وشككت شكوكا كشكوكها. فاكرة؟ تومئ لي بتواطئ صامت. تقول أنها فاكرة."

6

لم يكن هذا هو كل شيء، بدأ الموضوع يأخذ شكلا ممنهجا، دخلت في حوارات طويلة، جدالات وألعاب عقلية مع نفسي، لإقناع نفسي بأن الإسلام هو الدين الصحيح. كنت أرغب في هذا الاقتناع بجنون، أن تهدأ بعض الشيء شكوكي الملتهبة، والشكوك كانت تدخل من نقاط كثيرة: ماذا لو كانت المسيحية أو اليهودية هي دين الحق؟ ماذا لم يكن أي منهما وكان إله آخر آثر أن يظل مختئبا ولا يكشف عن نفسه؟ ماذا لو كان الله جزءا من منظومة أكبر من الآلهة، تنتهي بإله أكبر؟ ليلا ونهارا، في البيت والشارع والمسجد، لعبت هذا البينج بونج الذهني مع نفسي. ونصيحة أمي لي بأن أبعد نفسي عن هذه الأفكار بدأت أنفذها بحرفيا بعد قليل. أجهد نفسي حتى أتوقف عن التفكير، الذي كان ذا حركة محمومة لا توقفها فرملة واعية. الفرملة كانت تأخذ شكلا عقليا، ولكن بعد ذلك، بعدما أصبحت الفرملة العقلية غير قادرة على مواجهة وحدها موجات التفكير، بدأت أصدر أصواتا. بدأت أحرك رأسي بقوة كي أجبر نفسي ألا أقتحم هذه المنطقة. الحركة لم يلاحظها أحد وقتها، باستثناء أمي ذات مرة. كانت أصواتا حقيقية إذن ولم تكن من عمل خيالي. أدلت بملاحظتها تلك عقب وفاة خالي. وقتها كنا معا دوما، هي تحتاجني للشفاء من وحدتها بعد رحيل خالي وأنا أحتاجها للشفاء من ازدحام نفسي بأفكاري. كانت رغبتي في الانتهاء إلى الإيمان هي ما حركتني وقتها. تخيلت لنفسي مصيرا أسود تشكل كلمة "ملحد" عنوانه المرعب. ضربت مرة نفسي بعنف، أخذت أضرب نفسي عقابا على المدى الذي وصلت إليه أفكاري عن الدين. كان هذا هو الشكل الأكثر قسوة من الفرملة الذي انتهجته.

7

في أشهر قليلة تم إغلاق ملفات كثيرة كانت مفتوحة. دخلت الكلية. بدأ عقلي ينشغل بأموره الخاصة. بدأت تدريجيا، وصولا إلى عامي الرابع بالكلية، أتحول إلى نوع هادئ ولطيف من العلمانية، ثم اليسار، ولكن مع ملف آخر ظل مفتوحا، هو الملف الأساسي: وجهي. لازالت المرآة تلاعبني ألعابها الماكرة. لازلت لا أعرف شكلا لوجهي. ولازال هذا الموضوع يحيل على الدوام في عقلي إلى الله، الله الذي هو المسئول الرئيسي عن هذه القضية. قررت وقتها ببساطة ألا أرى نفسي. هكذا، منذ حوالي العام 97 وحتى لحظة كتابة هذه السطور، 2007، عشر سنوات كاملة، لا تزال المرايا تمثل لي رعبا دائما. لا ألجأ إليها إلا أثناء حلاقة ذقني أو شعري. أشيح في الشارع عن أي مرآة أو سطح أملس يمكنني معه رؤية ظل لوجهي، بشكل عصابي طبعا. شيئا فشيئا، ولأنه لا يمكن الحياة بدون مرايا، فلقد انقسمت المرايا إلى مرايا أليفة، هي ما اعتدت عليها، تعودت على وجهي خلالها، وهي ثلاثة مرايا على الأكثر، في حمام البيت والعمل ومرآة صغيرة حملتها معي أثناء فترة الجيش، ومرايا مفاجئة، تقتحمني في أي مكان فأدير وجهي عنها بسرعة، لا أثق بها. بجانب هذا، لفترات طويلة خشيت تحسس وجهي بقوة، تصورت أنه بتحسسي وجهي يمكنني الوصول إلى تصور ما عن شكله، أي إلى إيقاظ كل الأشباح النائمة. عزلت نفسي عن نفسي تماما وقتها.

8

قريبا، كتبت سطرين من رواية لي عن هذا الخوف، الخوف العصابي من رؤية الوجه، الذي كان خوفي أنا، ولكن، في عز ما كان هو خوفي، كانت تكمن رغبتي الجارفة أن أراني، أن أراني كاملا، بأبعادي الثلاثة، أجلس معي وأعرف كيف أبدو. حينها فقط، بالتأكيد، ستتوقف المرآة عن مخاتلتي بالأشكال الكثيرة التي لا تزال تقدمها لوجهي حتى اليوم.

3 comments:

Anonymous said...

مرعب انت

Anonymous said...

تدوينة محترمة جدًا

sabry abo-omar said...

مدونة بها فكر وفلسفة ولغة عالية جدا .. موضوعك مشوق جدا وخصوصا عندما تخترق كل الحواجز بعقلك وتريد الحقيقة.. تذكرت مع كلماتك الدكتور ذكى نجيب محمود عندما سافر إحدى رحلاته ووجد نفسه بعد يومين يعانى من أرق وتوتر نفسى وشعور غريب بالضياع ، حتى أدرك انه ليس بالمكان مرآة ولم يشاهد نفسه من يومين ...تلك هى الحياة ونحن مجرد جزء صغير جدا فى صورة كبيرة ومعقدة جدا لاندرك أبعادها بعقولنا المحدودة المخنوقة بقوانين المادة.. تقبل مرورى وكلماتى