Saturday, January 13, 2007

الموت كعمل إبداعي


موت أسامة كان مفجع لكل الناس، أو، إذا شئنا الدقة، لأغلب الناس، أو، إذا شئنا الدقة أكتر كمان: لأغلب الناس اللي كانوا بيعرفوا أسامة، وتوخيا لأقصى درجات الدقة، لناس كتير من اللي كانوا يعرفوا أسامة الدناصوري بشكل شخصي. ف نفس الوقت، بيتهيألي إنه ماكانش مفجع له هو شخصيا، احنا بنقول ان الميت بيستريح، تقريبا مافيش شك أن أسامة دلوقتي مستريح، لكن ياترى بنقول ان الميت بيبقى فرحان؟ معرفش. احمد شافعي قايل في تدوينته اللي بيتكلم فيها عنه إن الموت لذيذ، و دا طبعا معناه إن أسامة بيستلذ دلوقتي، بيستمتع، والمتعة غير الراحة طبعا. على مدى الشهور الأخيرة، انشغل أسامة بالتحضير للموت دا، كتب كتابه الضخم "كلبي الهرم.. كلبي الحبيب" اللي كتير لاحظوا انه عبارة عن مرثية له، الكتاب اللي بيوثق فيه لكل تفاصيل المرض وتخيله للموت. الآن تتم إغلاق الأسطورة، الآن يا إخوان يموت أسامة قبل أن يرى كتابه النور بأيام. الآن يكتمل المعنى الدرامي للملحمة التي ستخلد في ذاكرة المثقفين المصريين لأجيال، أسامة كان هو المساعد الرئيسي لعزرائيل على إتمامها



بنفس الشكل تقريبا، تقدم صدام حسين لحبل المشنقة، حاول يملا شكل الإعدام بالرموز، رموز على رموز، يا دين أمي، الراجل وشه مكشوف و هما وشهم متغطي، نحروه زي الخروف بعد صلاة العيد، هتافات شيعية و هو بيبص لهم و يقولهم هي دي الرجولة يا ولاد الوسخة. المرة دي ما كانش صدام المعاون الرئيسي لعزرائيل، كان فيه الحكومة العراقية كمان، كان فيه تواطأ ما على أن المشهد يبقى درامي للغاية، درامي جدا، درامي لأقصى حد، ولا الحلقة الأخيرة من ذئاب الجبل في زمانها.
الموت صعب يا اخوانا، والعظماء، سواء كانوا أشرار أو خيرين، بيحبوا أن موتهم ميبقاش زي أي موت، خلونا نفتكر خالد بن الوليد وهو يا عيني في اخر لحظات حياته وشايف ان موته مبقالهوش أي طعم ولا ينفع كاتب أي معلقة أنه يخلده بأبيات تنعي ذلك الراحل في ساحة الوغى، الراجل كان زعلان إنه يموت على سريره كما يموت الشاه
الميتات العظيمة دلوقتي بقت كلها زي موتة الشاه، ما علينا، لكن العظماء بقوا يحوشوا عظمتهم لحاجة تانية. خلونا نفتكر ان احمد زكي قرر يعمل فيلم عن واحد يشبهه، أو هو شايف انه يشبهه، أوي، و يشبهه بالذات في حتة المرض الطويل والممل، المرض البارد زي الموس التلم، لكن كمان في العظمة اللي هو شاف انها كانت من نصيبهم هما الاتنين. حد شاف "العندليب" بالمناسبة؟ انا مشفتوش لكن عاوز اشوفه


بشكل ما أو بآخر، بيبقى العمل الأخير للعظماء، المنتج الأخير بتاعهم، هو موتهم، هو المسرحية اللي بينشغلوا ف الإعداد ليها و ينسوا كل كتاباتهم و شغلهم التاني

15 comments:

كراكيب نـهـى مـحمود said...

هتفضل كده تشيلنا وتحطنا بأفكارك
بفلسفتك العبقرية للحاجات العادية
نائل انا بسجل اعجابي بجد بكتاباتك المختلفه الواعيه اوي في منتهى الغيبوبة
بحس انك بتكتب في جو اسطوري لمنطقة لك فيها براءه اختراع الوصول كل التحية

readingtuesday.blogspot.com said...

بيتهيألي العظماء فعلا يا نائل مش ممكن ينشغلوا بموتهم، أقصد بخرجتهم، أقصد بالصورة اللي هتبقى في أذهان الناس عن طريقة موتهم. العظماء كما أتصور هم من لا يريدون صكوك اعتراف من جموع البشر عبر التاريخ بعظمتهم
أتصور ان كل العظماء من القادة والأنبياء والزهاد والكتاب والمدونين هم مش عظماء ولا حاجة. هم على رأي أخوك الصغير كونديرا كانوا عايشين طول الوقت وشايفين كاميرات، حتى قبل اختراع الكاميرات، جوتة لما وقف قدام نابليون وهو بياكل كان شايف كاميرا، ولما انحنى للأميرة في الجنينة كان شايف كاميرا ولما بيتهوفن في نفس المشهد ما قلعش قبعته كان شايف الكاميرا، كل العظماء دول كانوا بيألفوا صورتهم اللي موتهم مجرد جزء منها.
العظماء دول مش عظماء لأنهم في قرارة نفسهم كانوا بيستشعروا نقص إلى اعتراف بالعظمة من ناس مش عظماء. ودا يتنافى مع العظمة تماما. بمعنى إن احتمال عظمة معزة غاندي أكبر من احتمال عظمة غاندي. غاندي لا يمكن يكون عظيم أصلا، أما المعزة فممكن، إذا كانت شايفة نفسها عظيمة.
العظماء هم الذين لم يذكرهم التاريخ. بس مش كلهم. العظماء هم الذين هربوا من أن يذكرهم التاريخ. ودول أنا ماعرفهمش. لكن متصور انهم هما اللي كان عندهم حاجة يقدموها للبشرية لكنهم بخلوا بيها، سابوها تموت جواهم، وبعد كده ماتوا زي أي ورقة شجر هي ليست أقل من منتج الأوكسجين
طول الوقت باحس ان كان ممكن نقرا شعر أجمل ونشوف رسم أجمل ونقرا عن قتلة أكتر دموية، بس البعض شافوا اننا ما نستاهلش
تفتكر دا إحساس مرضي بالدونية مثلا؟؟

Anonymous said...

رغم إن تعبيراتك الأثيرة على غرار "الموت كعمل إبداعي أخير" بتقلقني فعلاً، لكن متفق مع شافعي جداً، الكاميرا اللي تخليك تتصرف بصورة ذاتية مرهقة ومكلفة.. البوست اللي باكتبه بحرص وحذر يجعل من كتابتي حاجة بضينة استجداء تعليق واحد يقول برافو

ما علينا

حليم مش قوي على فكرة

Anonymous said...

بالتأكيد العباقرة مش مشغولين بصورتهم فى مرآة الآخرين ،أعتقد أن للى جواه شئ حقيقى بيفضل عمره كله منشغل بيه أكتر ما هو منشغل بصورة الشئ ده عند الآخرين لكن فى النهاية الصورة دى بتتكون شئنا أم أبينا حتى لو كانت مبتعبرش عن الحقيقة للى كانت جواه.. الصور ممكن تتغير أو تضيع فى زحمة الناس للى رايحه وجايه ، العبقرية أنك تقدر تسيب شئ حقيى يفضل من غير ما تكون تقصد ده .. ببساطة لأن الشئ ده جواك أصلا مش مجرد صورة
أما عن العندليب فأنصحك تشوفه عشان تعرف الفرق بين العبقرية الحقيقية والصور الباهتة .

جبهة التهييس الشعبية said...

نااااااااااااااااائل



هااااااااااي


أنا العفرييييييييييييت

islam yusuf said...

فى ظل الزمن الانى يصبح الموت مهزله
أو يكون كالعدم
او لا يكون

Unknown said...

حتى الموت
يدل على خطواتنا
فهو الأثر الذى نتركه على الأرض
لا أدرى لماذا رغم كون هذا الأمر خرجاً عن الإختيار أجد أن هناك قوى خفية للواحد قد تتحكم فى هذا المصير بأسلوب رائع يدعو للدهشة
موضوع جيد
تحياتى

Anonymous said...

نائل بيه انا معجب جدا بالبوست ده
وان دل ده على انك فعلا حاسس اللي كاتبه
فعلا اسامه ديناصوري كان حد جميل
واعلم ان الكثير سيفتقدوه
ده اول تعليق ليا عندك
انا محمد عز الدين (عز) ورقة وقلم

نائل said...

الله يخليكي يا نهى على كلماتك الرقيقة اللي بجد مش عارف ارد عليها ازاي. حضرة جنابك بتحرجيني بجد

طبعا يا احمد يا شافعي ماقصدتش هنا اميز بين "العظماء الحقيقيين" و بين "عظماء الصورة". انا قصدت الناس الذين يرون انفسهم عظماء. الذين يرون نفسهم اعظم خلق الارض. المفتونون بانفسهم، المتعفنون بانانيتهم. اولئك الذين، واسمح لي، اراهم انا كذلك عظماء، نصبوا لي الفخ و سقطت فيه راضيا، و لو نصبوا الفخ ثانيا لما ترددت في السقوط.اما العظماء الذين اختبأوا أو بخلوا بما يملكونه، فهم بخلوا على صورتهم كذلك، لم يشذبوها ويدلعوها و يروشنوها بالقدر الكافي، صورتهم أمام العالم أقصد و ليس صورتهم أمام أنفسهم. ليس بالضرورة ان العظماء المتعفنين الذين تكلمت انا عنهم هم يملكون شيئا حقيقيا و قدموه. اعتقد ان الاهم هو ان يملكوا اشياء. كلها غير حقيقية، و لكنها مبهرة للعالم الساذج، و يقدمونها، مكتفين بريالة العالم الساذج تسقط على فمه امامهم. ليست القضية في البخل او عدمه، انما في القدرة على اللعب بكل الاشياء المزيفة في العالم، تصويرها على انها لحظة التاريخ الخالدة، انها رؤية القدر اللي تتحقق الان. هذا الابهار، واضطر لقولها بسذاجة، يبهرني

احمد شعبان
طبعا، علشان كدا شطارتك ان تتصرف امام العالم كله و كانه كاميرا كبيرة و تخرج مع هذا باعتراف العالم انك زعيم، فنان، سياسي عظيم، هذا هو اصعب شيء ومن هنا روعته

انونيموس
حاضر هشوفه اول ما تيجي فرصة

الجبهة الشعبية للتهييس
اهلا اهلا و سهلا شرفت يا عفريت افندي

العزيز اسلام يوسف
ولا مهزلة و لا حاجة
صلي عالنبي
دا احلى حاجة والنبي
نورتنا يا عزيزي

العزيز ابو امل
لا اعتقد كثيرا بالقوى الخارجة عن ارادتنا في هذا الموضوع. بيتهيالي مسالة تصوير الموت. انتاج المجازات. التعامل مع القدر كانه فيلم سينما و بنقدم له نقد، كل دا من فعل البشر. اسعدني مرورك كثيرا

عز
صباح الفل. فعلا اسامة كان انسان رائع
وهيوحشنا كلنا
شكرا على مرورك الانيق

محمد عز الدين said...

المرور بتاعي مش أنيق
قدر أناقة مدونتك
وأتمنى إنك تزورني في مدونتي

Anonymous said...

انا ما اعرفش اسامة شخصيا وما قريتلهوش حاجة كمان لكن حاسيت من خلال مرورى على مدونات كتيرة انه ترك بصماته ف نفوس كتيرة قبل رحيله وهو ده اللى ممكن يحقق له الاستمتاع بالموت وانا مش معاك يا نائل إن الموت شئ ممتع لانه مش بيكون كده إلا للناس اللى تركوا وراهم شئ صادق وحقيقى يخلد ذكراهم يعنى مش كل الناس ممكن تستمتع بالموت

Marwa abu daif said...

لست هنا لاعلق و اثبت اعجابي فقط بهذا النص او البلوج باكمله بل لاسجل انبهاري بتجربتك الابداعية فقد قرأت ليلي انظون و ذهبت بي الي بعد مختلف تماما لايام بعد قراءتها )(لان هراء ضخما لابد و ان يحوي تفصيلة واحدة مهمة) و ايضا قرأت روايتك الاخيرة و كذلك عبرت معها لبوابات مختلفة

nael eltoukhy said...

العزيز صبحي
انا تحدثت عن ذلك الولع بالموت. عن ذلك الجنون بصورة الموت النهائية. اتفق معك تماما ان اسامة كان شخصا حقيقيا جدا ولو ان الظروف لم تتح لي الاقتراب منه ورؤيته عن قرب
اعتقد ان هذا كان امرا مريحا لكلينا

العزيزة مروة
اشكرك كثيرا كثيرا يا مروة على تعليقك الذي رفع من روحي المعنوية كثيرا. ولكن لدي اسئلة بخصوص روايتي الجديدة. هل قراتيها؟ وهل هي تمشي في نفس طريق ليلى انطون.ام ان هناك اختلافات، وهل هي للاسوأ أم للأفضل. انا خائف جدا منها مع نشرها الاخذ في الاقتراب. ربنا يستر

Marwa abu daif said...

لعزيز نائل
نعم لقد قرأت روايتك الجديدة و اعجبتني للغاية تماما كما عشقت ليلي انطون , الرواية تمشي تماما في نفس خط ليلي انطون من حيث كم الخرافات او الافكار المجنونة و المبتكرة تماما و هو ابداع عبقري منك و كذلك من حيث الخط الفلسفي و الحث عن الذات و البصمة البشرية الخااالصة و المفردة و المتفردة (هلوساتك :) او افكارك العجيبة هذه و صياغتك المختلفة تمام و المبدعة تمام لروايات تجعلها مختلفة تماما و تضعك في كان عااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااال جدا

عن نفسي ادمنت كتاباتك

مروة

nael eltoukhy said...

العزيزة مروة
يا ستي ربنا يخليكي
كدا طمنتيني الحمد لله
شكرا بجد يا مروة
بس انا برضه لسة عندي مشكلة مع الرواية التانية . حاسس ان الايقاع فيها مش مزبوط اوي مش زي ليلى انطون. بس معلهش. ما هي فيها حاجات كتير انا مستريح لها برضه اكتر من ليلى هانم
بس عموما رايك فعلا طمني اوي. يارب بس ميبقاش مجاملة من شخص ذوق جدا
نائل