أصدقائي وأعزائي، تعودنا أن نتحادث معا في أوقات السراء والضراء، أن أشكو إليكم فتشيرون علي أو تشكون لي فأمدكم بالرأي السليم. ومنذ البداية، منذ قررت أن اجعل حياتي الخاصة مشاعا لكم، لعيونكم وآذانكم الراغبة في المعرفة، على ستاتوس الفيسبوك أو في بعض التدوينات، منذئذ وأنا أؤمن بأن مصارحتي إياكم هي الطريق الأمثل للمواجهة.
عرفت أن كثيرا منكم قد اعتصره الألم لانفصالي عن ليلى، خاصة الذين تابعوا قصتنا من البداية، أؤكد أن الألم اعتصرني مثلكم بالضبط، مع فارق بسيط، فأنا يا أصدقاء يعتصرني الألم منذ خمس سنوات بالضبط، خمس سنوات وأنا أعيش جحيما يوميا، جحيما من قلة التواصل وعدم وجود أي تفاهم من أي نوع مع المرأة التي يفترض أنني أشاركها نفس السقف ونفس الجدران في علاقة يفترض أن اسمها هو زواج.
العذاب بدأ منذ خمس سنوات، ولكن وتيرته غدت أكثر تسارعا وشدة في العام الأخير، عندها بدأت ليلى في التحول إلى امرأة مقيتة، بدت كأنها تريد هدم كل ما كنت أحاول بنائه منذ زواجي بها.
أصدقائي الأعزاء، لا يتسع وقتي ولا وقتكم لأشرح كل شيء، ولكن لأسرد قصة واحدة معبرة: منذ أربعة أشهر ثارت خناقة كبيرة بيني وبينها، خناقة تافهة إذا جاز التعبير، أنا أريد نقل فوتيه من الأنتريه إلى غرفة المكتب، قدام الكمبيوتر، شرحت لها، هذا سيكون مريحا لي أكثر، فوجئت بها ترفض، ساقت وقتها عددا من الحجج مثل عدم ملائمة لون الفوتيه لغرفة المكتب وما إلى ذلك، يا بنت الحلال نحن في غرفة المكتب، من سيزورنا هناك ومن سيرانا؟ استيقظت يارا، بدأت تراقبنا بعيون مذهولة، شاهدت أمها وهي تعترض على أبيها بصوت عال، وهي تتجادل معه وتدخل في نقاش معه. شاهدت البنت كل هذا بعينيها، اضطررت أنا وقتها للصراخ بل ربما قد أكون مددت يدي عليها بشكل ما، لا أذكر بالضبط، فماذا فعلت رفيقة عمري، حياتي، حبيبة قلبي؟ تركت البيت ليومين عند أبوها، كم كانت هذه أياما كريهة.
كان يمكن لليلى أن تعارضني قبل ذلك، بل وأكثر من هذا، فلقد سمحت لها أكثر من مرة بالدخول في جدل معي حول ما يصح وما لا يصح، على الرغم من أنها تعرف جيدا كراهيتي للجدال، خاصة لو كانت امرأة، وأعتذر للجنس اللطيف، تجادل رجلا، وليلى لم تكن استثناء أبدا. فما بالك لو حدث ذلك أمام الصغيرة، التي لا تزال تتعلم بعد مبادئ الحياة، تتعلم أن الرجل رجل والمرأة مرأة. تتعلم كيف على الرجل أن يكون مطاعا في بيته، تتعلم احترام أبيها واحترام الذي لأجله وبفضله قام هذا البيت ووجدت هي نفسها!؟ اضطررت وقتها للذهاب إلي بيت نسايبي لإحضار ليلى. وكان هذا كريها ومشينا، كما تعرفون.
بعدها صارت السيدة ليلى تناقشني في كل كبيرة وصغيرة، متعمدة استفزازي، تتأخر بقصد عن إعداد الشاي، تبدأ في التذمر بمجرد أن أطلب منها شيئا، وتتحول إلى مجنونة إذا ما شرعت بالضرب الهين غير المبرح لها تنفيذا لأمر الله، وتتعمد أن توافق أو تتمنع بدون منطق محدد عندما أرغب بإقامة الواجبات الزوجية معها، بدون سبب مقنع توافق أو تتمنع، بدون مواعيد محددة توافق أو تتمنع، كأنها ترغب في وضعي على الدوام تحت رحمتها، وكل هذا تراه وتتعلمه يارا الصغيرة، تتعلم ميزان الكون مقلوبا. باختصار، بدت ليلى عازمة على طلاقها.
المهم، وحتى لا أطيل عليكم، لم يكن ممكنا أبدا للسيدة ليلى أحمد علوان أن تجعل مني أضحوكة أو أن تخلصني من سيادتي عليها، باعتباري ذكرا، وأنا هنا حريص على عدم تنميق الكلام، وبالفعل، فالذكورة هي مجد العالم، هي جوهرته، وذكورتي أنا لا تعني إلا سيادتي، ذكورتي لا تعني إلا قضيبي، وقضيبي يعني أني قادر على منح المتعة ومنح الأطفال والإيلام في نفس اللحظة، ولذا فأنا سيد وأنا مسيطر، ودعونا لا نعير أذانا لسائر المخنثين في العالم.
الآن أنا مع يارا، الآن نؤسس عالمنا الجديد والجميل، الآن اعدها لتنتقم لأبيها من زوجته السابقة، السيدة التي أذته أكثر من أي شخص آخر. الآن تتعلم الكون على استقامته مرة أخرى، تتعلم كيف يؤدي كل شخص دوره في هذا الحياة، ومن خرج عن دوره فليتحمل، أسترجع أمام يارا ما فعلته أمها، ألقنها إياه، لا أدعها تنساه أبدا، حتى إذا صارت يوما امرأة ناضجة، استطاعت الثأر للشخص الذي لولاه لما كان لها وجود.
أصدقائي وأعزائي، يوما ما، كتبت عن ليلى رواية، وقتها أسميت شخصية الرواية، وكان اسمها هو عنوان الرواية، نفس الاسم الذي لليلى ومنحت اسم أبيها الحرف الأول من اسم حمايا، أبو زوجتي الفاضل، لا أبو زوجتي الفاضلة، هذا توضيح فحسب. لا أنكر أنني أحببت ليلى يوما، وأنني حلمت أن نعيش إلى الأبد في نفس البيت ومع نفس الطفلة. الآن كل هذا ذهب أدراج الريح. ما علمته لي الحياة كان قاسيا للغاية، وأبرزه أن لا أحد يتخلى عما يعتقده لأجل شخص آخر، أو، لنكن أكثر صراحة، لأجل امرأة. هن جعلن لتتم مضاجعتهن، وحتى الآن لم أعرف لهن وظيفة أخرى ذات جدوى.
أعتذر للجميع وأشكر الجميع وأتمنى لو كان كل شيء على ما يرام لدى الجميع.
المخلص لكم دائما: نائل