التليفون جا من نهى محمود. عندي خبر وحش. مش فاكر قالت ايه بالزبط لكن قالت اسم سهى واسم محمد. فهمت. لم يكن الامر يحتاج الى ذكاء. محمد حسين بكر مات
الخميس اللي فات. كنت قاعد معاه. مع محمد حسين بكر ومع سهى زكي مراته. كنت زعلان معاه، او هو كان زعلان معايا، او كان فيه حاجة بينا مش مزبوطة. اليوم دا كان صوته رايح، مبحوح وواهن، وبيتكلم ببطء. لدرجة ان كل كلمة بيقولها كانت سهى بتضطر تكررهالي علشان اسمعها. اتكلم عن الموت كتير. كان الموت ف دماغه اوي. اداني مقالة لنشرها ف اخبار الادب. قلت له انها هتنزل الجمعة الجاية. قال لي انها وقت ما تنزل هيكون مات. قلت له لا مش هيحصل، وكالعادة، كان الحق معاه، المقالة نازلة من غير صاحب المقالة. قبل ما نقوم حضنته وبسته. طلبت منه ميزعلش مني. قال لي بغضب، بتحدي وبتكشيرة، كإني شتمته، انه مابيزعلش. لما رجعت كتبت لصديقتي "هذه ملامح شخص يموت". لم اقل لها اني بكيت وانا مع محمد. بكيت بكيت. محمد كبر عشرين عاما يا اختاه. محمد يتوكأ على عصا. يرتدي بيريه ويتنفس بين المقطع والاخر، محمد بقى وزنه تلاتين كيلو يا اختي
كتب محمد حسين بكر مع محمد رفيع و سهى زكي، اللي بقت بعد كدا مراته، مجموعة قصصية باسم "بوح الارصفة". وف اخر ايامه كتب "حكاية البنت التي طارت" تحدث فيها عن الولد بكر وعن سهى و ارسل صورة مرسومة من محمد حسين بكر الى نهى رسمها له محمود الهندي. بنت محمد الصغيرة اسمها نهى بالمناسبة
ف اخر قعدة لينا مع بعض قال لي انت عارف انا كنت ليه عاوز الخبر ينزل عن المجموعة؟ قلتله علشان توريه لنهى. ابتسم. كانت المرة الوحيدة ف القعدة اللي بيبتسم فيها. قال لي انه عاوز بنته دايما تحس ان ابوها كان حاجة كبيرة. قال لي انه مش عاوز حد يضحك عليها ويقولها بحبك. لما ييجي حد يقولها بحبك تقول له لما ابوك يبقى زي ابويا ابقي حبني. ماكانش بيتكلم لوحده. كل كلمة كانت سهى بتكررها. كل كلمة كل كلمة. كنا على قهوة التكعيبة. كنت بقولها انا سامع يا سهى لكن شوية ويبتدي الصوت يروح مني. كنت بواصل الكذب واقول اني سامع. هو كان بيتنهد. يقول الجملة و يبصلها و يقول لها قولي له. وكانت بتقول لي
بعد شوية لقيت نفسي فاهم كل كلامه بدون وسيط. اكتشفت ان شفايفه كانت بتتحرك ببطأ شديد، وان البطأ دا هو اللي مخليني اقدر اتابعها وافهم كلامه. اكتشفت ان المشهد بقى سلو موشن واني بتابعه ومفيش ولا تفصيلة بتغيب مني، اكتشفت اني دخلت مع محمد ف كذا نقاش واحنا قاعدين. اتكلمنا عن فيرلين ورامبو، اللي هو نطقه رامبو وكررته سهى زكي على هيئة ريمبو، وهو النطق الاصح، لكن لما جيت اردد الاسم وراها لقيتني بقول رامبو، وهو نطق محمد حسين بكر، علما اني كنت بردد الاسم وراها مش وراه. اتكلمنا عن كافكا وماكس برود، و طبعا علاء الاسواني ومحمد الفخراني
بشكل مختلس تماما، واحنا قاعدين، انتهزت فرصة محدش خد باله منها، و لا هو خد باله، علشان اطبطب عليه، اخفيت الحركة دي بسرعة، كنت مكسوف منها اوي. كنت عاوز اقوله ان فيه حد معاه، ف الوقت اللي انا عارف انه كان اخر حد ممكن يسمع دا او يصدقه
الخميس اللي فات. كنت قاعد معاه. مع محمد حسين بكر ومع سهى زكي مراته. كنت زعلان معاه، او هو كان زعلان معايا، او كان فيه حاجة بينا مش مزبوطة. اليوم دا كان صوته رايح، مبحوح وواهن، وبيتكلم ببطء. لدرجة ان كل كلمة بيقولها كانت سهى بتضطر تكررهالي علشان اسمعها. اتكلم عن الموت كتير. كان الموت ف دماغه اوي. اداني مقالة لنشرها ف اخبار الادب. قلت له انها هتنزل الجمعة الجاية. قال لي انها وقت ما تنزل هيكون مات. قلت له لا مش هيحصل، وكالعادة، كان الحق معاه، المقالة نازلة من غير صاحب المقالة. قبل ما نقوم حضنته وبسته. طلبت منه ميزعلش مني. قال لي بغضب، بتحدي وبتكشيرة، كإني شتمته، انه مابيزعلش. لما رجعت كتبت لصديقتي "هذه ملامح شخص يموت". لم اقل لها اني بكيت وانا مع محمد. بكيت بكيت. محمد كبر عشرين عاما يا اختاه. محمد يتوكأ على عصا. يرتدي بيريه ويتنفس بين المقطع والاخر، محمد بقى وزنه تلاتين كيلو يا اختي
كتب محمد حسين بكر مع محمد رفيع و سهى زكي، اللي بقت بعد كدا مراته، مجموعة قصصية باسم "بوح الارصفة". وف اخر ايامه كتب "حكاية البنت التي طارت" تحدث فيها عن الولد بكر وعن سهى و ارسل صورة مرسومة من محمد حسين بكر الى نهى رسمها له محمود الهندي. بنت محمد الصغيرة اسمها نهى بالمناسبة
ف اخر قعدة لينا مع بعض قال لي انت عارف انا كنت ليه عاوز الخبر ينزل عن المجموعة؟ قلتله علشان توريه لنهى. ابتسم. كانت المرة الوحيدة ف القعدة اللي بيبتسم فيها. قال لي انه عاوز بنته دايما تحس ان ابوها كان حاجة كبيرة. قال لي انه مش عاوز حد يضحك عليها ويقولها بحبك. لما ييجي حد يقولها بحبك تقول له لما ابوك يبقى زي ابويا ابقي حبني. ماكانش بيتكلم لوحده. كل كلمة كانت سهى بتكررها. كل كلمة كل كلمة. كنا على قهوة التكعيبة. كنت بقولها انا سامع يا سهى لكن شوية ويبتدي الصوت يروح مني. كنت بواصل الكذب واقول اني سامع. هو كان بيتنهد. يقول الجملة و يبصلها و يقول لها قولي له. وكانت بتقول لي
بعد شوية لقيت نفسي فاهم كل كلامه بدون وسيط. اكتشفت ان شفايفه كانت بتتحرك ببطأ شديد، وان البطأ دا هو اللي مخليني اقدر اتابعها وافهم كلامه. اكتشفت ان المشهد بقى سلو موشن واني بتابعه ومفيش ولا تفصيلة بتغيب مني، اكتشفت اني دخلت مع محمد ف كذا نقاش واحنا قاعدين. اتكلمنا عن فيرلين ورامبو، اللي هو نطقه رامبو وكررته سهى زكي على هيئة ريمبو، وهو النطق الاصح، لكن لما جيت اردد الاسم وراها لقيتني بقول رامبو، وهو نطق محمد حسين بكر، علما اني كنت بردد الاسم وراها مش وراه. اتكلمنا عن كافكا وماكس برود، و طبعا علاء الاسواني ومحمد الفخراني
بشكل مختلس تماما، واحنا قاعدين، انتهزت فرصة محدش خد باله منها، و لا هو خد باله، علشان اطبطب عليه، اخفيت الحركة دي بسرعة، كنت مكسوف منها اوي. كنت عاوز اقوله ان فيه حد معاه، ف الوقت اللي انا عارف انه كان اخر حد ممكن يسمع دا او يصدقه