منذ يومين، أي في العمق الرمضاني، حلمت بكابوس لا أذكره الآن. صحوت. بقيت، في عادة لم أستطع التخلي عنها حتى الآن، أتف على اليسار ثلاثا وأردد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأنا ألهث مرعوبا، رحت في النوم وأنا أردد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. التفت لأجد رجلا جميل الهيئة بجانبي. الرجل أخذ يردد: أعوذ بالله من الشيطان. كداهو! تأملوا غرابة جرس العبارة بعد أن تخلت عن رجيمها. نظرت إليه بدهشة. سألته عن الرجيم وأين ذهبت. نظر لي وقال بهدوء، عيناه كانتا مبتسمتين وصوته كان صافيا ونورانيا: هو انا عمري اقدر اشتم نفسي يا ابني!؟
***
كنت غرا غريرا في الكويت، سنتين أو ثلاثا، والحلم الذي تعاودني ذكراه من تلك الأيام هو الآتي بالصلا عالنبي: أنا مع شخص ما، شخص حنون وطيب، خيِر بلا منازع. قرب نهاية الحلم فقط تلمع عيناه بنظرة ما. نظرة شر عميق، حقد، نظرة أتية من عمق العالم السفلي، أعرف منها على الفور أنه ليس ذاك الشخص الذي تصورته، أعرف أنه كائن شرير يسعى لإيذائي، لنكن مباشرين ونقول أنه الشيطان. فور إدراكي لهذا ينتهي الحلم، ينتهي بالمفاجأة الصاعقة، يتحول الرجل، مع ضحكة مدوية، إلى شيطان كامل، ينتهي الحلم هنا، أصحو من فرط الرعب.
في الحلم شخص كاسر عين التاني، كسرت أنا عين الشيطان إذ عرفت حقيقته، كسرت عينه لكن عينه لم يتم كسرها، بالعكس، بدا مبتهجا أكثر بمعرفتي لحقيقته، لأنها هي ما ستسوغ ضحكته العالية التالية، بشكل ما مختلف، وأكثر تعقيدا، فهو من كسر عيني بمعرفتي لحقيقته. كثيرا ما تمنيت لو انتهى الحلم قبل أن تكشف عنه تلك النظرة.
***
تذكرون جميعا الشخص الذي قابل رجلا بساقي معيز فهام على وجهه حتى لمح في البعيد شيخا مهيبا احتضنه وأواه وسأله عما به فلما حكي له الشخص كشف الشيخ عن ساقي المعيز التي له وقال زي دي يابني؟ في النهاية، دعونا نقول أن غرض الشيطان أو العفريت من الدنيا إيه غير ساعة حظ. غير شوية ضحك على البني أدمين. وعلى كثرة ما سمعت، لم أسمع عن عفاريت، أي جن وشياطين، قتلوا آدميين أو أذوهم، ونحن طبعا لا نتحدث عن عفاريت الموتى التي تعود لتنتقم وتطلع دين اللي قتلوها. إننا نتحدث عن الكائنات السفلية المأصلة. التي لم تتلوث يوما بأن كانت بشرا.
من قصص الجن الشعبية لا يبدو أن للجن غرضا غير الشو، غير الكشف عن هويتها أمام الإنسان والاستمتاع برد فعله ثم الاختفاء، والبني أدمين علوق طبعا، يشيبون أو يموتون أو يفقدون عقولهم بدون مبررات منطقية. تذكرون يا أصحاب حكاية الذي تزوج جنية فعاهدها على أن تعيش كإنسانة وألا تستخدم أيا من قدراتها السحرية أثناء فترة زواجهما الطويل، فلما أرادا النوم يوما قالت له طفي النور فقال له طفيه انتي انا تعبان. فما كان منها إلا أن مدت يدها التي استطالت جدا حتى آخر الغرفة فانطفأ النور ومات الزوج رعبا من حينه. سؤالي الذي أطرحه هو: لماذا مات؟ هل كان هناك من أذاه؟ والاجابة لا تخرج عن اثنين: هو يتدلع أو يتعولق.
***
وختاما، تروى عن طارق إمام النكتة التالية: