Friday, December 05, 2008

اعتذار عن المشاركة بمؤتمر السرد الجديد


لا أملك يقينيات فيما يخص ما يسمى بـ"السرد الجديد"، لا أملك يقينا بوجوده من عدمه أساساً، ولكن يقيني هو أنه إذا كان موجودا فإن المؤتمر الذي سيعقد في مرسى مطروح قريبا لن يكون ممثلا له.

المؤتمر بعنوان "أسئلة السرد الجديد" ويفتتح يوم 22 من الشهر الحالي، ولمن يريد أن يعرف شيئا عنه، فيمكن له أن يطالع هذه المدونة، والتي أسسها طه عبد المنعم، والذي سيسافر للمشاركة في المؤتمر، بصفته "إعلاميا".

المشاركون في المائدة المستديرة قريبون من بعضهم، بدافع الود والتراحم الذي يسود بينهم، ولكن بالأساس أيضا بدافع القرب المكاني. أغلب الأسماء المذكورة المشاركة في المائدة المستديرة، والتي يفترض أن أشارك فيها، تقيم بالقاهرة، وكثير منها يمكن لقائه في أماكن بعينها، الورشة الإبداعية للزيتون أو قهوة التكعيبة أو غيرها، وإذا كان ذلك كذلك، فلماذا نسافر إلى مرسى مطروح حتى نلتقي؟

ليس هذا هو الأساس، كما بدأت الكلام، فالسرد الجديد مصطلح غامض بطبعه، وإذا كان مقصودا به الجيل الذي بدأ الكتابة في العقد الحالي فإن القائمة واسعة، ولا تقتصر على أسماء بعينها مثل (والترتيب أبجدي): أحمد العايدي، أحمد ناجي، الطاهر شرقاوي، إيهاب عبد الحميد، ماهر عبد الرحمن، محمد الفخراني، محمد صلاح العزب، محمد علاء الدين، منصورة عز الدين، وهاني عبد المريد. أما الجيل الذي بدأ الكتابة في العقد السابق فيضم أسماء مثل: حمدي أبو جليل، مصطفى ذكري، منتصر القفاش، ميرال الطحاوي، نورا أمين، ياسر عبد اللطيف، وغيرها الكثير بالطبع. مشهد "السرد الجديد" واسع جدا في مصر، ولا تمثله المائدة المستديرة المخصصة، بحسب بيان الهيئة العامة لقصور الثقافة، لـ"عدد كبير من كتاب السرد الجديد"، وهم بحسب نفس البيان: "طارق إمام، محمد عبد النبي، عمر شهريار، هويدا صالح، أحمد عزت، نائل الطوخي، سهى زكي، هدرا جرجس، ومنى الشيمي". أعتقد أن اختيار اسم أو اسمين لامعين بين المشاركين لا يخدم الموقف كثيرا. كل هذا هو رأيي الشخصي والمتواضع للغاية، ليس حكما مطلقا بالطبع، ولا أحب له أن يُفهم هكذا.

هل تفاصيل هذا المشهد غائبة عن ذهن من أعدوا المؤتمر؟ حاشاي أن أقول هذا عن أساتذتي. لذا تبدو أخطاء معينة غريبة وغير مفهومة: في البداية، يُعلن في المدونة، اسم أحمد الفخراني، الشاعر، مشاركا في المائدة المستديرة، وفجأة يتم استبعاد اسمه. لا أحد يعرف لماذا دُعي من البدء طالما هو شاعر، ولا أحد يعرف لماذا استبعد بعد ذلك. كل هذا غير معلن عنه ويفتح الباب للتكهنات. هل كان الروائي محمد الفخراني هو المقصود من البداية؟ لا أعرف، ولكن هذا هو الاستنتاج الأساسي والأقرب الذي يصل إليه من يعرفون بهذه القصة، ومعهم حق، طالما أن التفاصيل غير معلن عنها.

اقترح البعض إهداء جلسة المائدة المستديرة "التي يفترض أن يتحاور فيها الأدباء الأصغر سنا" إلى القاص الراحل محمد حسين بكر. لماذا محمد حسين بكر وليس محمد ربيع مثلا، وقد توفى في مارس الماضي، وهو صاحب أساليب سرد غير عادية وغير تقليدية إطلاقا، وبغض النظر عن مدى فنيتها، فهي تمثل نوعا راديكاليا من "السرد الجديد". وإذا كانت هويدا صالح تشارك في المائدة المستديرة "وهو ما يعني أن الأمر ليس مقصورا على الأصغر سنا، كما قد يتوقع المرء من الأسماء المشاركة فيها"، فلماذا لم يتم إهداء الجلسة إلى خيري عبد الجواد مثلا الذي رحل منذ أشهر، أو نعمات البحيري، وهما أهم، بمعايير النقد، من الاثنين، ربيع وحسين بكر. ولماذا لم يطرح هذا الأمر للنقاش أصلا، أي: الاختيار من بين عدد من الأدباء "الساردين" ممن توفوا قريبا ويمكننا إهداء الجلسة لأرواحهم؟ هل لهذا علاقة بحضور القاصة سهى زكي، وهي زوجة حسين بكر، المائدة المستديرة. هل تغلبت النوازع الإنسانية على نوازع العمل المهني؟ وبالمناسبة، فلقد تحدثت مع سهى من قبل في هذا الموضوع. أخبرتها برأيي الشخصي. وأعتقد أنها تفهمت.

لهذا كله، ولإحساسي بأن المائدة المستديرة التي سأشارك بها لا تمثل ما يمكن أن يطلق عليه "السرد الجديد"، فأنا أعتذر عن حضور المؤتمر. كلمة "أعتذر" تحمل معنى الاعتذار الأصلي، أي الاعتراف بالخطأ، لأنني قد سبق وقبلت الحضور عندما عرضه عليّ الأمين العام للمؤتمر، سيد الوكيل، أستاذي الذي أحترمه أديبا وناقدا تماما. أخطأت عندما وافقت بدون معرفة التفاصيل المذكورة، (ربما ما يشفع لي أن التفاصيل نفسها كانت في طور التكون ساعتئذ).

أمر أخير: ارتياحي أو عدم ارتياحي للمشاركة في المؤتمر هو أمر شخصي تماما، ولا يخص أو يلزم أحدا سواي بالطبع، فقط أردت أن يكون السبب الحقيقي معلنا، لذا قمت بالنشر على المدونة. أتمنى التفهم من الجميع.