كارثة رهيبة. الهارد ديسك بتاعي ذهب إلى العالم الاخر. فجأة، و بدون سابق إنذار، أجد كل ما اكتبه، كل شغلي، كل حاجة بعملها على الكمبيوتر راحت، كتاب بترجمه من اربع سنين، رواياتي و قصصي، كل الاغاني و الافلام، حاجات عجبتني، صور عندي، كل دا اصبح في خبر كان، كل شوية تتضح لي أبعاد المأساة اكتر، الكتاب اللي بترجمه انا مش حاطه في اي حتة تانية. امبارح اكتشفت المعلومة دي. نفسي مسدودة ومتكدر جدا، التشبيه الوحيد اللي بيخطر لي بقوة هو الطوفان، طوفان يجتاح الكمبيوتر بتاعي و يهلك الحرث و النسل، ساعتها الكمبيوتر بتاعي هيولد من اول وجديد، زي بالزبط الارض مع سيدنا نوح
دايما كان موقع قصة الطوفان بيدهشني. مش معقول ابدا يكون تاني نبي بعد ادم –اذا سلمنا بكون ادم نبيا- هو نوح صاحب الطوفان. مش معقول، قبل موسى و عيسى و محمد، قبل اختراع الابجدية و قبل اللواط و قبل الانترنت و قبل البلوتوث و الافلام السكس، قبل المخدرات و قبل المذابح والقمع، قبل اختراع الشركات العملاقة و احتكار الادوية، مش معقول قبل كدا دا يلاقي ربنا نفسه في حاجة الى انه يخلص البشرية من اشرارها، طيب ليه؟ واحنا لسة بنبدأ قصة العالم و الشر لسة كائن بريء جدا و لسة كتير على ما يبقى شر حقيقي. الطوفان، بما انه حدث عالمي، محتاج كمان تاريخ عالمي علشان يسنده، محتاج لالف سنة بعد الميلاد، محتاج يكون فيه بشر بجد و جرايم بجد. إنما إفناء البشر قبل أن يوجدوا، دا ماكانش مفهوم بالنسبة لي. بالمناسبة. دي اول سنة ليا مع الهارديسك، ومع الكمبيوتر عموما. يمكن بعد عشر سنين اقول نفس الكلام عن الطوفان اللي بتعرض له انا دلوقتي. الفرق اني دلوقتي ببص للحظة دي على انها كل تاريخي. اكيد ان ابناء الطوفان اعتقدوا وقتها انهم شاخوا، ان الارض شاخت، اكيد اعتقدوا انهم في نهاية الزمان الذي يتطاول فيه الرعاة في البنيان
تجربة بتصادفني يا ولاد مع كل لغة جديدة بتعلمها، الانجليزي و الفرنساوي و العبري، اقرا نص باللغة اللي انا لسة بقول فيها يا هادي، نص صعب جدا، مقدرش افهمه، نص يعقدني من اللغة، شوية بشوية، لما تبتدي اللغة تكشف لي نفسها، ابدا افهم فيها تدريجيا، ارجع للنص القديم، اللي قريته ف سنوات جهلي، الاقيه لسة على صعوبته، لسة الغازه ماتحلتش، يعني العيب ف النص مش فيا، اشمعنى النص دا بقراه في اول تعلمي للغة؟ اشمعنى الطوفان حصل مع تاني نبي مباشرة، اشمعنى الهارديسك يضرب و الجهاز لسة عريس جديد؟