Friday, August 01, 2008

الخلطة السحرية أو القواعد العشر لكتابة رواية ذهنية

عزيزي الكاتب الشاب

أتيتني منذ ساعات. طلبت مني أن أساعدك على كتابة رواية ذهنية. حذرتك وقتها لو تذكر. رددتَ عليّ بأن الكثيرين من قبلي قد حذروك. الآن، وقد علمت أن الطريق طويل وصعب وغير ممهد من قبلك، فإنني ملزم بمساعدتك بناء على طلبك، وها أنا أفصل لك بعض قواعد الرواية الذهنية، لتساعدك على كتابة نصك الأول، ولكن تذكر دائما: إنت اللي اخترت، ولقد قلنا لك بلاش يا أبا بدوي


أولا: قاعدة المصلحة دي ماتخصنيش يا باشا:

ابدأ بالتبرؤ من الرواية، أنت لم تكتب هذه الرواية وإنما كانت جزءا من مخطوط عثرت عليه في أحد الأماكن الغامضة، دير كبير، تكية لا تزال قائمة، شخص ظهر في حياتك مرة واحدة ليسلمه لك. يستحسن أن تكون بعض صفحات المخطوط قد تهرأت أو احترقت أطرافها، وأضف في هوامش روايتك بعض الاقتراحات للكلمات غير الواضحة بفعل قدم المخطوط.


ثانيا، قاعدة فيه سر غامض في عينيكي:

لغز غامض يحوط أبطال الرواية، البطل يبحث عن حل اللغز. اللغز يهدد حياتنا، يحوطها، ويقترب منا. لاحظ أن البطل لا يبحث عن قاتل بعينه مثلا، فهو ليس في ملف المستقبل، وإنما يبحث عن حل للغز كبير، لا يشترط أن واحدا بعينه قد قام به. في بداية بحثه تتكاثر الخيوط التي تصله بالحل، ولكنها كلها، ويا عجبا، تناقض بعضها. قبل نهاية الرواية يكون الكلام قد قل عن حل اللغز، في النهاية بالضبط يكون القراء قد اقتنعوا بأن الطريق إلى حل اللغز، مثل الطريق إلى إيثاكا، هو ألذ وأطعم من الحل نفسه. بمعى آخر: البطل حتى نهاية الرواية يفشل في الكشف عن الحل، لكن لأن المؤلف هو واسطته الجامدة، فإنه يتم الصهينة على الموضوع.


ثالثا، قاعدة أحسن ناس الناس بتوع زمان:

أنت لا تكتب رواية وإنما عثرت على مخطوط، لذا يستحسن أن تكون قد درست الفترة التي تتحدث عنها جيدا. وعليه فلا يجب أن تظهر أية ملامح مشتركة بين الناس في روايتك والناس في أيامنا، يجب أن يظهروا كناس تاريخيين، وتاريخيين فحسب، كل ملامحهم هي ملامح تاريخية. لا تمر سريعا على التفاصيل فأنت لا تكتب رواية عادية، استنى وروق وطول بالك عند التفاصيل لأنها هي التي ستثبت للناس أنك بتكتب رواية تاريخية، طبعا من المفضل جدا الحديث مطولا عن عقائد الناس بتوع زمان، ووصفها بشكل غامض جدا بحيث تبدو مختلفة تمام الاختلاف عن عقائد الناس بتوع اليومين دول.


رابعا، قاعدة الحاجات اللي مالهاش علاقة ببعض:

اقطع السرد فجأة، تحدث مثلا عن حفرة وقع بها أحد الصليبيين في بيت المقدس، تابع تاريخ الحفرة بالموازاة مع تاريخ الجندي الصليبي، لا تدعهما يفلتان منك أبدا، في النهاية، يموت الجندي والحفرة يتم ردمها فلا تعود حفرة. اقطع الحديث وعد إلى السرد الأصلي، ببراءة وبشكل طبيعي وكأنك لم تفعل شيئا منذ قليل.


خامسا، قاعدة ذهبية، مين مايحبش نيتشة:

هناك دائما حوار فلسفي بين جميع الأبطال، في النادي، في العربية، على القهوة، يتحدث الأبطال عن هيجل ونيتشة وشبنهاور (انتبه، ليس هابرماس أو هايدجر أو باختين). وعلى الرغم من أن روايتك ذهنية، فإنه لا يستحب الحديث عن الأفكار المجردة لهؤلاء الفلاسفة العظام، الحديث عن نساء الفلاسفة وعيوبهم الخلقية ومشاكلهم مع الجمهور دوما هو حديث أكثر ظرفا، حتى لو تعلق الأمر بروايتك الذهنية، ودوما ما يجد أبطال الرواية ذلك القهوجي الذي يجلس متأملا وفجأة يلقي جملة عن نيتشة تبين أنه فاهم كل حاجة ابن الأروبة.


سادسا، قاعدة الغرض مرض أو اللي فيه داء مايبطلوش:

البطل مصاب بهاجس، يسعى لتحقيق فكرة غريبة، تبدو تافهة لكن لأنها مسيطرة عليه بقوة فإنها تتحول إلى أساس الرواية، هذا الهاجس، التافه لكن المسيطر، هو الذي يجعل البطل يكتشف أسرار الحياة والموت والميلاد والتاريخ.


سابعا، قاعدة جابوا للمجنون ألف عقل على عقله:

البطل مصاب بهاجس كما قلنا، ولكن ليس هذا فقط، أحيانا بتيجي له حالة نفسية أيضا، أحيانا يرى ناس وعندما يسأل عليهم بعد ذلك يكتشف أنهم ماتوا من زمان، يكلم شخصا على التليفون وفي نفس الوقت يشاهده من بلكونة بيته وهو ماشي مع المزة وعمالين يقولوا كلام حب لبعض. احذر من أن تصف البطل بأنه تعبان ف دماغه، هو فقط يعاني من بعض المشاكل الوجودية، يعاني مشكلة اليقين في ذاته وفي الآخرين، كما سيقول النقاد عنه، وليس أنت. أما انت بقى يا بطل، تعامل مع الأمر بشكل طبيعي جدا، لا شيء حدث يستحق التبرير.


ثامنا، قاعدة قولي لي يا مرايتي أو أنا مش عارفني أنا مش لاقيني:

المراية عنصر مهم جدا. فيها يتعرف البطل على نفسه. ومنها يتأكد من وجوده، لأنه دائم المعاناة مع فكرة وجوده غير اليقيني. والمرايا هي ما تجعله يتأكد من وجوده. ولكن ماذا لو كانت المرايا تقدم له كل يوم صورة مختلفة مثلا عن وجهه. وماذا لو كان يضحك ورأى صورته في المراية مكشرة، وماذا لو كانت المرايا مكسورة ورأى أورته عريضة جدا بشكل كوميدي وعينيه مضغوطة جدا بشكل كوميدي أيضا. العب يا بطل، عيش مع المراية. هتعمل معاها احلى شغل.


تاسعا، قاعدة الفيلم دا كله مواعظ:

الموعظة مهمة، على عكس ما تتخيل, ضع موعظة على لسان أحد الأبطال أو على لسان الكاتب – كاتب المخطوط – شخصيا. يفترض في الموعظة ألا تكون تقليدية: بدلا من الروايات غير الذهنية التي ينصح فيها الناس بالخير، فانصح أنت الناس بالضحك، بالرقص، باللعب، بالأكل كثيرا، بعدم الحنين. هذه القاعدة دقيقة وحساسة، لأن جزءا من شرعية ظهور روايتك هو أنها لا تعظ الناس، مع أن الموعظة مهمة لأن المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص، عليك إذن جعل الموعظة غير واضحة، على القارئ أن يتشرب بها بدون أن يحسها.


عاشرا، قاعدة الاتنين احسن م الواحد والتلاتة احسن م الكل:

استخدام قاعدة واحدة من دولا لا يصنع رواية ذهنية، كما أنها قليلة جدا الروايات التي استخدمت العشرة مجتمعين، يمكننا القول أن الروايات الذهنية تتدرج في الذهنية صعودا وهبوطا، ولكن دوما فاستخدام قاعدتين هو أفضل من استخدام قاعدة واحدة، والثلاثة أفضل من الاثنين، والعشرة هي الرواية الحلم. هي الرواية الذهنية بألف لام التعريف.

10 comments:

عباس العبد said...

يعنى مثلاً يا نائل ممكن نقول أن البطل ولد صغير أبوه كان بيضربه و امه كانت بتزنى مع واحد ,.. و شاف أنعكاس صورة اخته عريانة مع أبن الجيران فى المرايا, فالولد طلع متعقد , كبر و بقى بطل الرواية و علشان نحبكها نقول إن الى كانت امه بتزنى معاه هو نيتشه و إن الولد الى كان عريان مع أخته هو هيجل بس كان لسه صغير .
فالبطل طلع معقد و نافوخه بقى غامض و نفسيته بقت كلها هواجس , و بيقف قدام المرايا يشوف فى وشه الضعف و صورة هيجل و هو بيزنى مع أخته , و اللغز الى بيدور عليه و اللى محدش حيحله و لا حتى فى نهاية الرواية
هل الست دى امه و لا أبوه هو الى كان أمه ؟
===
تنفع الحبكة دى و لا عايزه سِنة كمان ؟
طمنى على نفسى وحياتك يا نائل
احسن مش عارف أقفل النص

ربيع said...

رواية ذهنية برضو؟
روح اقرا
http://spring456.blogspot.com/2008/08/blog-post.html

GAMA-lone said...

سعيدة...
مدونة مخيفة و بوست محبط
سوف أفكر الان ألف مرة قبل كتابة أي شيء.
احساس مش ظريف

بنت القمر said...

نضيف البعد المنوري للروايه
لازم يكون في منور وصرير ابواب صدئه والبطل يشعر بعزله عن العالم لاتؤنسه فيها الا الاصوات المنطلقه من معدته او اللعب مع براز فار يحوم حول شرابه المهترئ براز الفار طبعا اساس وهو كنايه عن ان العالم الاحمق قد لفظ البطل خارجه مثل البراز وشويه صديد علي بقايا طعام عفن وكده
القاعده الثانيه عشرة بقا
-----------------
لازم الكاتب يقول اذا اي حد سأله
بريئ يا بيه
تقصد ايه بكذا يرد يقول معرفش انا علاقتي انتهت بالنص عقب كتابته وكل متلقي يفهمه براحته ومن زاويته الخاص:))
لازم المبدع يحفظ الجمله دي زي ولا الضالين امين
مليش دعوة معرفش مش انا
هو اصلا مش عارف نص مبتور مقطوع مش راكب مش قضيته بالعكس ده علامه اكتمال الابداع!! ادي شويه تحبيش للخلطه

SOLITUDE® said...

زي ما تكون بتتكلم على رواية ثورة 2053 (البداية) لمحمود عثمان

nael eltoukhy said...

عباس العبد

طبعا لسة شوية، يا معلم، وان كان فيه تطور ما

يعني بصراحة استخدام نيتشة وهيجل فج جدا، شوف، نيتشة وهيجل مايجوش غير بشكل واحد، ان يبقوا شوية مثقفين قاعدين يتكلموا عليهم، مينفعش حاجة تانية، ماتحاولش

ربيع
مش ذهنية عندك. دي حديثة. وسعت منك كتير، وانت قدها، انا غلبان يا معلم، بتكلم على حتة صغيرة كدا بس ف الرواية الحديثة

شارل.
ياراجل اتهد بقى. يعني انت عاوز تبقى وزير ثقافة وتكتب كمان؟ يا عم ارحم اللي حواليك ويسبهم ياكلوا عيش

بنت القمر
مش كدا والنبي، أكن ابويا هو اللي كتب الرواية
:p

سوليتيود
لا مش صح

SOLITUDE® said...

أصلها متطابقة بشكل عجيب مع اللي إنت ذكرته

حصل خير إن شاء الله
:)

عبده البرماوي said...

يمكنك إضافة نصيحتين لهذه العشرية حتى تكتمل الدستة، برجاء العلم أن الدستة أبرك من عشرة لو كانو يعلمون،

حادى عشر: اجعل النساء فى هامش الرواية
الراوى الذهنى ليس مهتاجا ولا لديه حاجة فى النساء، يمرون عليه مر الكرام، لا يعنى هذا التخلى عن المشاهد الايروسية، ضع منها ما شئت لكن لا تجعلها محركة الررواية، هى تفاصيل كقولك ولما جلسنا إلى العشاء جرى كيت وعندما وضعت الشوربة قيل كيت وقبل أن نغسل أيدينا من بقايا المانجه العويس ظهر فى الأفق كيت، ما فيش علاقه زى ما هو واضح بين الكيت اللى هو حركة الأحداث وتقلباتها ومساراتها والأكل، النسوان لازم يفضلوا فى المنطقة الهامشية دى وإلا الرواية تقلب من ذهنيه لرواية من روايات اسمه إيه اللى خلص روايته التالته فى أقل من سنتين ده، صاحبكو مش فاكر اسمه. المهم نخش فى اثنى عشر

اثنى عشر: النفس والتاريخ والفلسفة علوم لا تصنع رواية ذهنية جميلة وحدها
عليك بالخربشة، نعم الخربشة، خربش فى قلب القارئ، حتى وأنت متجاوز للعصر وملقى فى الماضى، وأنت تتعامل مع الغامض المنفسن وغير العادى، وأنت تتحدث بلسان أناس يلقون المواعظ العويصة والفلسفات المكعبلة، اقترب أكثر من قارئك، اعلم أن من يقرأو الروايات الذهنية هم فى العادة من يعجزون عن فهم الأفكار البسيطة، الذين إن قلت لهم صباح الخير يمصمصون ويهرشون لحاهم ويستعيدون علاقتك بهم منذ ليلتها الأولى قبل أن يردوا السلام، فعليك بالخربشة فى عقولهم وقلوبهم، ستسألنى وإلى أين تصل بى الخربشة، وسأرد عليك، وهى كس ام الروايه الذهنية بتوصل لفين أساسا يا عم الحلو

Anonymous said...

يوم 26 جوان يوم عادي كتلك الايام التي مرت بلا روح بلا طعم ..
مجرد لحظات عشتها في قلق دائم ..حيرة من الماضي .. و خوف من المستقبل ..
أنظر حولي لأجدني في هذا الكون الواسع وحدي .
لا بل في هذه المزرعة التي أصبحت مثل القبر في غيابه .. أحاول العيش .. أحاول الصمود ..
لكنه لم يعلّمني كيف أتنفس .. كيف ينبض قلبي .. كيف أحي .. و هو ليس موجود ..
كنت طفلة بين يديه .. كنت امرأة في عينيه .. كنت أنا .. و هو كان كل شّيئ ..
نسائم الصيف تلفح وجهي .. ليتطاير شعري يملئه الحنين الى لمساته .. الى أنامله تمسح الدمع على خدي ..
أجالس قطتي .. أحكي مع الزّرع ..فليس لي غيرهم ونيس ..
هناك في تلك المساحة الصغيرة الفاصلة بين البئر .. و شجرة ورد الجوري .. كان يعلّم كلبه ليحرسني في غيابه ..كأنه كان العارف أنه قد يغيب ..و قد يعود .. و قد لا يعود ..
أجول بناظري في كل مكان ..في كل زاوية ..في كل ذكرى .. في كل اللحظات ..
منذ الرحيل .. رحلت كل الأشياء ..لأبقى في سبات عن ملذات الحياة ..أنتظر أحدهما..
في أنتظاري أحاول العيش ..
كل مساء أغلق أبواب الأمان ..و شبابيك المستقبل ..أشعل نور ظلمتي ..أجالس كلبي .. و وحدتي ..
لكن تلك الليلة لم تكن ككّل الليالي.. فجأة كثرت الأصوات حولي .. نوباح الكلاب و لا أدري هل الرياح من تلعب بالقصدير .. أم أن الخوف يلعب بقلبي .. فمنذ الرحيل نسيت معنى الأمان ..
تقرّبت من النار ..علاّ لهيب الشوق يدفئ قلبي المتجمد..
أغمضت عيني .. لأراه أمامي ..أنه هو ..بهيبته .. بحضوره ..بسحره ..بنظرة عنيه ..بأبتسامته ..
سؤلته ..
-أين كنت ؟.. و لماذا رحلت ؟..
قال:
-كنت بين تلك الجبال .. أحمل سلاحي في يدي ..و قلبي في اليد الأخرى ..
قلت:
-لماذا ؟.. لماذا خيّرت الجبال الباردة الموحشة ..على حضني الدافئ المشتاق ..
قال:
-لأحميكي .. لأحمي عشقي و حبي من الغدر ..لأكون لكي رجل غير كل الرجال ..
قلت:
-أنت غير كل البشر ..أنت ملاكي ..محياي و مماتي ..عد لأرمي نفسي بين يديك .. لتحضنني بقوة ..
لأسقيك من حنان قلبي حتى الضمئ ..عد لأشعر بالأمان ..
قال :
أنا دائم الوجود بجانبك ..حتى و أن لم تريني فروحي هي ملازمة لكي و لن تترككي ..
أجل يا حبيبت عمري .. يا من أختزلت كل معاني الأنوثة في نظرة عينيك .. يا أبنتي ويا أمي .. جمعت كل صفات الحنان و البرائة .. لتكوني لي كل النساء .. لتكوني آسرة قلبي .. و حريتي ..
حبيبتي لقد و هبت لكي روحي هي لكي وحدك فلا تخافي و لا تحزني .
ختم كلامه بقبلة على جبيني .
فتحت عيني ..لأدرك مرة أخرى ..أني في نفس المكان ..و ذات اليوم .. و ذات الحلم.. و ذات الأمل ..
أعيش في تكرار مألم ليس له نهاية
إلا أن جائني واحد من أثنين ..
أن يأتي حبيبي ملاكي .. ليأخذني حيث هو ...
أو أن تصل رسالته التي أنتظر منذ سنين ..
و يستمر الرحيل .. و يستمر الأنتظار .

kh

Unknown said...

شركة تنظيف منازل بالقطيف
شركة تنظيف بالقطيف
شركة تنظيف بالخبر
شركة تنظيف بالدمام
شركة تنظيف بالاحساء