Friday, July 27, 2007

عن المؤامرة الكونية لجعلنا أكثر سعادة

بسم الله الرحمن الرحيم نبدأ بسب الدين لكل من أدان أو شجب ما يسمى بنظرية المؤامرة، ثم نقول


نصحو اليوم. نسبة الرطوبة خمسمية في المية، المخدة غارقة بالماء، نقرف من نفسنا، ناخد دش، درجة حرارة المياه لا تقل عن سبعمية. ننظر الى وجهنا في مرآة الحمام، ذقننا طويلة ولا تسر الناظرينا، نزداد كراهية لوجهنا. نخرج من الحمام أكثر دبقا، أي تلزيقا وعرقا، مما دخلناه. نفتح الميل، لليوم الثاني ولا رسالة شخصية واحدة، فقط سنغاليان وجواتيمالي يعلنون عن هوياتهم لنا. وماذا تكون هوياتهم سوى ابناء جنرالات في الجيش اضطهدوا من حكام بلادهم ويسعون للهرب لأي بلد أخرى وفي حالة مساعدتنا لهم سيكون من حقنا نصف ثرواتهم المكدسة. نفتح المسنجر. من لا نهتم بحضورهم هم الحاضرون في ساعة الصبحية دي. نقلب في المدونات، نعلق في المدونات التي نثق بإخلاص في تفاهتها، ونعلق فقط بهدف البضن على اصحابها، نكتشف ان الوقت قد أشرف على الحادية عشرة، معناها اننا ضمنا حصتنا من التهزيئ اليومي في الشغل لتأخرنا عن ميعاده اليومي. ننزل على الفور، في جيبنا اتنين جنيه ونص، ولاننا كنا ننوي الإفطار نقرر ان نركب خمسة وتلاتين، ولأننا أصبحنا ننوي الإقلال من تأخرنا قدر الامكان، نركب السي تي ايه ونضحي بالافطار ولكننا لا نضحى بكيس الشيبسي. نتصل بهاشم لنسأله عن بابل فيخبرنا بأنها على وشك، هي دائما على وشك، هي رواية الإيشاك الذي لا يكل، نفاجأ بجوعنا عند الساعة الثالثة عصرا. نبدأ في رحلة البحث عمن يمكن الاقتراض منه، ينجح هذا وأحيانا لا ينجح


نخرج من الشغل. قبيل التوجه الى البيت لابد من رحلة الحج اليومية الى مسرح عرائسنا المتحركة الشهير بالتكعيبة، في التكعيبة نجد الكثير من العرائس المتحركة، ضمنا تسلية أكثر سخفا والحمد لله، نجلس ونشيش ونتحدث، بوصفنا عروسا متحركة، في أقل الأمور إثارة لنا، بوصفنا بني آدم كويس. نتخيل في ذهننا تودوروف وقد جلس على التكعيبة، ثم خرج منها ممزق الملابس الخارجية والداخلية يبدو شعر صدره وابطيه وافرا غزيرا وهو يقول اه يا ايدي اه يا ايدي اه يا رجلي اه يا رجلي والست مرجانة طول ليلها عريانة. نعود الى البيت. المخدة مازالت ملأنة بالعرق، والناس الذين بضنا عليها في مدوناتها نهارا ردوا، وصحتها رددن، لنا البيضان بأحسن منه، وصحتها بأحسن منهما: شكرا لمروركم. شكرا على التعليق

من منطلق ايماننا المطلق بنظرية المؤامرة نعلن ان الكون كله يتآمر لإصابتنا بالتخلف العقلي، ويتآمر لجعلنا سعداء بهذا التخلف العقلي

أنا شخصيا سعيد جدا

Friday, July 20, 2007

الأحداث الكاملة لهاري بوتر والقديسون القتلة

قبل ساعات قليلة من صدور الجزء السابع والأخير. انفراد: فقط في هذه المدونة الأحداث الكاملة ل-هاري بوتر والقديسون القتلة


تدور أحداث الجزء السابع من سلسلة هاري بوتر، في أجواء مغايرة تماما هذه المرة، إذ تقوم بإلقاء الضوء على عالم المهمشين، وتطرح أفقا مغايرا من الحساسية يمكن عبره إنطاق الذين لا صوت لهم مثل الخرتية والقوادين وبنات الليل. تتأمل الرواية العجز الذي أصاب كل مناحي حياتنا الاجتماعية عبر شخصية الفتى هاري، وهو مثقف مأزوم يقضي يومه على قهوة التكعيبة منشغلا بتدخين الشيشة ثم التنقل إلى بارات وسط البلد والاستفراغ في شوارعها

هاري بوتر.. مثقف مأزوم


يدخل هاري في حوارات طويلة مع صديقه المناضل اليساري إلباس دمبلدور يحاول فيها الأخير تجنيده في العمل السياسي فما يكون من بوتر إلا أن يعلن بصوت أجش مزقته نفثات المعسل ورشفات البراندي الرخيص عن سقوط القضايا الكبرى، وهي الفكرة التي أكد عليها عنوان/ عتبات العمل حيث تصبح القداسة محض فكرة قاتلة للخير والجمال، يحاربها هاري بوتر، الذي يكرر دوما على مسامع دمبلدور جملته التي تتحول إلى مفتاح حقيقي لفهم العمل: لا شيء يهم يا دمبلدور، صدقني. وهو ما يكرره على مسامع صديقته جيني الشاعرة المبتدئة التي تضمر الإعجاب به، فتشعر بالإهانة وتقرر الوشاية به لضابط أمن الدولة، الذي سبق واغتصبها، اللوا فولدمور

إلباس دمبلدور.. يساري يحب الوطن


تتيح لنا شخصية فولدمور، وهو بالإضافة إلى كونه لواء في مباحث أمن الدولة، صاحب ثلاثة ميكروباصات يتحرك واحد منها في شوارع القاهرة أما الآخران فيتحركان بين القاهرة والإسكندرية والمنصورة، تتيح لنا التعرف على عوالم سائقي الميكروباصات واقتحام العشوائيات وإلقاء نظرة على البيئة التي يخرج منها البلطجية، البلطجية الذين قال عنهم دمبلدور وهو جالس مرة مع هاري على قهوة البستان أن هذا الوطن لم يعد وطننا، وإنما وطنهم، على ما في هذه الجملة من تبشير بالمستقبل الأسود الذي لم يعد خافيا على أحد أنه من نصيب الوطن الذي نعيش فيه

اللوا فولدمور.. نموذج لزبانية أمن الدولة


في العمل الذي نتناوله بالدراسة هنا تتم إدانة الأجيال السابقة التي تسببت في هزائمنا، والتركيز على الجسد باعتباره حائط الدفاع الأخير أمام قوى الظلام والتكفيريين الجدد، حيث يزنق بوتر صاحبته المحبة للمسرح كاتي بيل تحت بير السلم، وذلك في أعقاب سهرة طويلة في كاب دور رفع فيها جميع الأصدقاء أكواب البيرة عاليا وشربوا في صحة البت كاتي ولعبت الخمرة بدماغ هاري فقال والله لازبطهالكو الليلة يا ولاد الوسخة، وذلك حتى يجد السيد بوتر نفسه مشاركا في المظاهرات التي جرت أمام نقابة الصحفيين قبيل الاستفتاء الرئاسي حيث يشهد بأم عينيه تمزيق بنطلون كاتي وهو ما يدفعه للتورط في الاحتكاك بالبلطجية وإلقاء سؤال حزين يكون هو مختتم وعنوان العمل الجاد والمهم الذي بين أيدينا. يتسائل هاري بوتر، المثقف المهزوم الذي هاله ما وصله الوطن من انحدار، بمرارة حتى لتكاد الدموع تطفر من أعين القراء: هوّه ماذا حدث للمصريين؟

Friday, July 13, 2007

في رثاء الجسد ذي التسعين عاما

بداية خميسية لطيفة. أنا في الجريدة أستريح بعد اسبوع طويل من العمل. تليفون. نينا ماتت. هتيجي تحضر الدفنة؟

من شهرين كانت آخر مرة رحت زرتها بعد ما تعبت وقعدت عند عمتي في اسكندرية. كانت المرة الوحيدة اللي اشوفها وهي تعبانة. عمتي دخلت بيا على اودتها. الاودة اللي نايمة فيها. من برة الاودة شفت سريرين. سرير عليه كوفرتة مكرمشة، مش مترتبة كويس. والتاني عليه كوفرتة مفروشة. أين هي إذن؟
جدتي يا حضرات كانت قد صغرت. صغرت كثيرا. كانت موجودة تحت إحدى طيات الكوفرتة. هذا كان اكتشافي المأساوي. أزاحت عمتي الكوفرتة فظهرت من تحتها، عظام متلاحمة وبعض اللحم. عينان تبرقان وفم بلا أسنان، هي ذات التسعين عاما. ماكانش ممكن مفتكرش اورسولا، الجدة في مائة عام من العزلة، ظلت تهرم وتصغر، تهرم وتصغر، تهرم وتصغر حتى اضطر أولادها إلى حملها معهم في علبة كبريت، تقريبا كانت علبة كبريت. وأنا بطبطب عليها اكتشفت أنني تقريبا أكاد أحتويها بقبضة يدي.


رجعت البيت راكبا الأوتوبيس. في الأوتوبيس يظهر الرجل الحتم، الضرورة، الذي لا مفر منه: أخي المؤمن أختي المؤمنة، تبرعوا لبناء بيت الله. افكر في انني لو كنت بطلا من ابطال روايات الستينيات او من افلام صلاح ابو سيف لهتفت ثائرا ولماذا أتبرع لبيت الله والله لم يمنع الموت، ولضربت الراجل ولطلعت تلاتة مايتين امه. لكني ماعملتش كدا، لاني اولا مش بطل في روايات الستينيات ولإني كمان مش شايف ان منع ربنا لموت ستي كان هيبقى حاجة مهمة، او على الاقل حاجة تستاهل خناقة عشانها.

- أصريت أنزل أدفنها بنفسي وشفت القبر من جوا.

- وكان إحساسك إيه؟

- أودة صغيرة وفاضية بس بتنزلي لها بسلم واطي اوي وانا طويل وبضطر اتني نفسي.

- لا لا مش قصدي. قصدت إحساسك كان إيه؟

- مش عارف. بس ماكنتش خايف، لو دا اللي بتسالي عليه. كان عندي فضول بس.


ولأنني أعلم أعزك الله عزيزي القارئ، أنك تملك عين الفضول الرهيب لمعرفة كيف يبدو القبر، هذا إن لم تكن تُرَبِيا بطبيعتك، أو لم تسبق لك معاينته كما فعلت أنا وعاينت، لهذا بالتحديد، فسوف لن أحدثك عنه، فقط سوف أتذكر عبلة كامل في الحلقة الأخيرة من حديث الصباح والمساء وهي تجلس بداخله وقد تعبت من عد الداخلين الذين لا يخرجون وقالت عن الموت كلمة حكمة لكنها في النهاية فانتاستيكا.

Friday, July 06, 2007

معا لأجل الاتجاه يمينا



مشهد ظريف في فيلم فرنسي مش فاكر اسمه: شخص يكلف قاتلا أعور بالبحث له عن شخص آخر لقتله. القاتل المأجور يطلب مبلغا مضاعفا، لإنه، مع كفاءته، أعور، وسوف يكون صعبا عليه البحث عن الشخص الهدف. الراجل اللي بيتفاوض معاه بيغطي عينه اليسرى. بنشوف النص اليمين من الشاشة اما النص الشمال فبيضلم تماما. بيرجع ايده مكانها وبيبتسم ويقول له: لا عليك، فحيثما وجدت نصفه الأيمن لن يكون نصفه الايسر بعيدا.


من هنا أصل إلى نقطتي. يحكى أن عبدا أراد التقرب إلى الله فقطع يده اليسرى وساقه اليسرى وفقأ عينه اليسرى وصلم أذنه اليسرى. بهذه الطريقة فقط تمكن من أن يقابل الله عبداً أيمن ميمونا، خالصا من نصفه الأيسر، بقدر مامكنته نفسه الأمارة بالسوء، لأنه مازال هناك نصف أيسر من رأس وبطن، ومازالت هناك كلية يسرى وقلب هو على حافة اليسار بلا أمل في الاتجاه يمينا.

وإذا كان الحال كذلك، فما أحوجنا الآن إلى تغطية أعيننا اليسرى، إلى تحويل عالمنا لعالم أيمن. بهذا فقط نتمكن من الرد على الوجود المؤذي لليسار في العالم، والمقصود هنا هو اليسار كاتجاه سير، أرجوكم الانتباه. ما أحوجنا إلى زحزحة عالمنا إلى اليمين أكثر، ولأن الأمور نسبية، ولأن لكل يمين يساره الخاص، فلنقم بشكل دوري بالتقليل من القطاعات الأكثر انحرافا نحو اليسار على الأرض، لكي تصبح أكثر وأكثر يمينية ويمنا وإيمانا. هل نصل يوما ما إلى اليمين الخالص؟ إلى ذلك المكان الذي هو اليمين بألف لام التعريف؟ ربما، ولكن على العموم يكفينا شرف المحاولة.


لكي نخلق معا عالما بلا يسار، لكي يجعلنا الله من أهل اليمين وصحبه، لنبدأ بالتخلص من أيادينا اليسرى، وهي الأهم في هذا السياق، لأنه بدونها لن يكون لاتجاه اليسار معنى، يعني مثلا لن يصف لك احد ما مكانا ويقول على عينك الشمال، او على ودنك الشمال، انما على ايدك الشمال، وبما انه لن تكون هناك يد شمال، بهذا سوف ينتفي شيئا فشيئا وجود اليسار كاتجاه. سننطلق كلنا في مشاورينا الصباحية إلى اليمين، بلا أي فرصة للعودة، لأن العودة ستتطلب يسارا لم يعد موجودا، سنرحل تماما، والمجد لمن يصل منا إلى أبعد نقطة في اليمين.

بنا يا إخواني في الله. لنخلق الآن نصفنا الأكثر بهاء من العالم.